«هذه الحرب قد صيَّرت من العُقلاء مجانين، ومن الأذكياء بُلهاء أو قلقين!» قد تستغرب ذلك للوهلة الأولى، ولكن المعايشة وحدَها تستطيع إقناعك بمدى مأساوية الحياة في خِضَمِّ حربٍ عالميةٍ طاحنة؛ تأخذ منك صديقًا، حُلمًا، يقينًا، كان يساعدك على التخطِّي واستكمال المسير، لتتركك في مواجهة أسوأ مخاوفك؛ حرب تجعل من أراذل القوم أبطالًا، ويغيب أبطالها الحقيقيون في سِجِلَّات الضحايا، فلا تدع أمامك مجالًا للتمسُّك بمبادئ قد تبدو ساذجةً أمام الدم والنار. في سبع قصصٍ تُناقِش الحرب والحلم، تقع أغلب أحداثها في «مانيلا» عقب تحرير الجيش الأمريكي لها، ينجح «سعيد تقي الدين» في رسم المعاناة التي انطوت عليها الحرب العالمية الثانية.
سعيد تقي الدين: أديبٌ ومسرحيٌّ لبناني. وُلِد «تقي الدين» في مدينة «بعقلين» اللبنانية في عام ١٩٠٤م، حيث تلقَّى العِلم بها، ثم الْتَحقَ بالجامعة الأمريكية بلبنان وتخرج منها في عام ١٩25م، وخلال دراسته الجامعية انتَسبَ إلى جمعيةِ «العروة الوثقى» الشهيرة، وتولَّى عدة مسئولياتٍ فيها حتى أصبح رئيسَها ومديرَ تحريرِ المجلة الناطقة بلسانها. بدأ «تقي الدين» في الكتابة المسرحية منذ بداية شبابه، فألَّفَ مسرحيةَ «لولا المحامي» وهو في العشرين من عمره، وتوالَتْ مَقالاته الأدبية والسياسية التي تلقَّفتْها الدوريات والمجلات الشامية والمصرية لنشرها، وبعد هجرته إلى الفلبين بدأ أسلوبُه يصبح أكثرَ نُضجًا وجودة؛ فكانت مسرحياتُه الشهيرة، مثل: «نخب العدو» و«حفنة ريح»، بالإضافة إلى مجموعات قصصية مختلفة. عُيِّن «تقي الدين» قنصلًا فخريًّا للبنان في الفلبين عام ١٩٤٦م، كما انتمى في الخمسينيات إلى «الحزب القومي السوري»، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من الفعاليات والأنشطة السياسية التي تسبَّبتْ في أن يُحكَم عليه بالإعدام غيابيًّا مرتين، وبعد عدة تضييقات هاجَرَ مرةً ثانية إلى المكسيك، ومنها إلى كولومبيا حيث عاش فيها بقيةَ حياته. تُوفِّي «تقي الدين» في كولومبيا عام ١٩٦٠م.