«ما من عمل يَجِل في مجال إحياء تراثنا قدر إحياء تراثنا العلمي العربي. إن هذا العلم هو إحياء لأروع أعمال الفكر العربي في أزهى عصوره، وهو ضرورة لازمة ونحن نحاول من جديد أن نبني حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والعلمية على أُسس عقلية رشيدة.»يحوي هذا الكتاب ذو الطابع الأدبي والمعرفي مقالاتٍ عديدة نشرها الكاتب والمفكِّر «عبد العظيم أنيس» في عددٍ من الصحف والمجلات العربية، وتتركَّز مضامينُها حول قضايا مختلفة في العلم والأدب والفكر والفلسفة والتراث الإسلامي. يتَّسم الكتاب بتنوُّع معرفي وموسوعي في موضوعاته، ويحمل في طيَّاته الكثير من الأفكار والرؤى والمفاهيم والمواقف التي تُسلِّط الضوء على العديد من الشخصيات البارزة من أدباء وعلماء ومفكِّرين في العالمَين العربي والغربي، ممَّن تركوا بصماتٍ واضحةً في ذاكرة التاريخ؛ فيُحدِّثنا عن «ابن الهيثم»، و«إفرست جالوا»، و«ألبرت آينشتين»، و«طه حسين» وغيرهم.
عبد العظيم أنيس: أستاذُ رياضيات وصحفيٌّ مصري، يُعَد واحدًا من أبرز النشطاء السياسيين اليساريين في القرن العشرين. وُلد «عبد العظيم أنيس» عام ١٩٢٣م في حي الأزهر بالقاهرة لعائلةٍ من الحرفيين، التحق في مراحل تعليمه الأوَّلي بأحد كتاتيب حي الأزهر، ثم استكمل مراحل تعليمه الأساسي في إحدى المدارس بحي العباسية بعدما انتقلت عائلته إليه. تخرَّج في قسم الرياضيات بكلية العلوم بجامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًّا) عام ١٩٤٤م، وفي العام نفسه عُيِّن معيدًا بكلية العلوم بجامعة الملك فاروق في الإسكندرية، ومع بدايات الخمسينيات سافر إلى لندن لاستكمال دراساته العليا، فحصل في عام ١٩٥٢م على شهادة الدكتوراه في الإحصاء الرياضي من إحدى كليات جامعة لندن، وامتهن التدريس في جامعات الإسكندرية والقاهرة ولندن. تعرَّف «أنيس» على الثقافة الغربية عن قُرب خلال الفترة التي قضاها في بريطانيا؛ حيث اطَّلع على كلاسيكيات الأدب الإنجليزي، وكان لهذا الأمر أثرٌ كبير في تكوينه الثقافي إلى جانب تكوينه الرياضي، وحينما قرَّر العودة إلى مصر بعد حصوله على الدكتوراه، فُوجِئ بفصله من جامعة القاهرة بسبب نشاطه الثوري، وهنا لجأ إلى العمل الصحفي، وبدأ يكتب في السياسة والأدب بجريدتَي «المساء» و«الوفد» ومجلة «روزاليوسف». كان «أنيس» منتميًا إلى الفكر اليساري منذ أنْ كان طالبًا بالجامعة، وتنقَّل بين عدةِ أحزابٍ يسارية، ولم يتراجع عن نشاطه بالرغم من اعتقاله مراتٍ عديدة، بل ظلَّ متشبِّثًا بآرائه حتى فارقَت روحه الحياة. بجانب مؤلَّفاته العلمية — ومنها «مقدمة في علم الرياضيات» — قدَّم «أنيس» العديد من الكتب النقدية التي غلب عليها الطابع اليساري، أبرزها: «التعليم في زمن الانفتاح»، و«بنوك وباشوات»، و«قراءة نقدية في كتابات ناصرية»، و«التعليم وتحدِّيات الهُوِية القومية» وغيرها. تُوفِّي «عبد العظيم أنيس» في عام ٢٠٠٩م بعد حياة حافلة بالنضال السياسي والإبداع الثقافي.