الحج هو الشعيرة الأكثر جذبًا للاهتمام، سواءٌ للمسلمين أو لأتباع المذاهب الفكرية والديانات الأخرى؛ وذلك لما يَتكبَّده الحاجُّ من مشاقَّ في سبيل أداء الشعائر، وقد اختلفت نوعيةُ المشاقِّ ودرجتها عبر الزمن. وفي هذا الكتاب يصحبنا المؤلِّف، الذي كان صاحب أول صورة فوتوغرافية للكعبة، في رحلةٍ فريدةٍ مع الحجيج المصريين الذين شدوا الرِّحال برًّا في عام ١٨٨٠م إلى مكة؛ تلك الرحلة التي كانت تستغرق أربعة أشهر تاركةً أثرًا لا يُمحى من نفس المسافر، وتجرِبة تختلف عن كل تجارب السفر إلى أي مكانٍ آخَر في العالَم.
محمد صادق باشا؛ عسكري مصري وصاحب مؤلفات رائدة في الجغرافيا وأدب الرحلات. ولد صادق بمصر في عام ١٨٢٢م وتلقى علومه الأولى بالقاهرة، ثم التحق بالمدرسة الحربية وبعد تخرجه منها أرسل مع آخرين في بعثة تعليمية إلى فرنسا لمتابعة دراسته وهناك بجانب دراسته للعلوم العسكرية أتقن التصوير الجغرافي ورسم الخرائط وحصل على شهادة الهندسة من مدرسة «البوليتكنيك» وبعد عودته لمصر عُين مدرسًا للرسم في «المدرسة الحربية» بالقاهرة التي كان يديرها المثقف المصري الشهير «رفاعة الطهطاوي». وبجانب عمله بوزارة الحربية أسند له مرافقة رحلات الحج والمحمل (كسوة الكعبة السنوية) إلى مكة المكرمة وهو الأمر الذي كفل له دراسة ميدانية وطبيعية لجغرافية الحجاز فوصف هذه الرحلات بشكل دقيق وجذاب أظهر حسه الأدبي العال كما زاد على ذلك بأنه كان أول من التقط الصور الفوتوغرافية للمعالم الشهيرة بمكة والمدينة. قدم صادق العديد من المؤلفات الجغرافية والأدبية القيمة التي وصفت جغرافيا الحجاز ومدنها وأيضًا تفاصيل رحلات المحمل الشهيرة، نذكر من مؤلفاته «دليل الحج للوارد الى مكة والمدينة من كل فج»، «كوكب الحج في سفر المحمل بحرًا وسيره برًا» و«رحلة مشعل المحمل» وغيرها من كتب. توفي محمد صادق باشا في عام ١٩٠٢م.