يَتناولُ هذا الكِتابُ مَسألةَ عَجْزِ الحُدودِ الجُغرافيةِ والنَّعراتِ القَوميةِ عَن إِذَابةِ أَوجُهِ التَّعارُفِ والتَّقارُبِ والتَّشابُهِ بَينَ الأقْطارِ العربية. ويَهدِفُ المُؤلِّفُ إلى كَشفِ أَوجُهِ التَّقارُبِ والتَّناغُمِ بَينَها على الصَّعيدِ الأَدَبي، والفنِّي، واللُّغَوي؛ وذلك مِن خِلالِ رِحلتِه إلى المَغربِ الأقصى. ولم تَكنُ غايةُ «الريحاني» مِن رِحلتِه هَذهِ التَّنزُّهَ فحَسْب، بل كان دافِعُه البحثَ والاطِّلاعَ والاكتِشاف. وتستطيعُ أن تتعرَّفَ على مَدَى مُوسُوعيةِ الرُّجلِ مِن خِلالِ سَردِهِ للأخبارِ وتسجيلِها، فلم يَكتفِ بالمُشاهَدةِ فحَسْب، بل اختَلطَ بالناسِ وحاورَهم؛ ومِن ثَمَّ وصَفَ سِماتِهم وتقاليدَهم، وراقَبَ كيفَ كانتْ أفعالُهم ورُدودُ أفعالِهم. و«الريحاني» هُنا يَعرِضُ لأوضاعِ بلادِ المَغربِ السِّياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ مُنذُ بدايةِ القرنِ العشرينَ حتَّى استِعارِ نارِ الحربِ العالميةِ الثانية.
أمين الريحاني: مفكر وأديب، وروائي ومؤرخ ورحَّالة، ورسَّام كاريكاتير لبناني. يُعَد من أكابر دُعاة الإصلاح الاجتماعي وعمالقة الفكر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في الوطن العربي. سُمِّي ﺑ «الريحاني» لكثرة شجر الريحان المحيط بمنزله. كتب «الريحاني» في العديد من الأجناس الأدبية، كالشعر والرواية والمقال والمسرح والسِّيَر والرحلات والنقد، كما ألَّف في العديد من الحقول المعرفية الأخرى، كالفلسفة والتاريخ والاقتصاد والاجتماع والجغرافيا، ومارَس الرسم والتمثيل. وقد كانت ﻟ «الريحاني» سِيرة نضالية لم يدَّخِر فيها جهدًا في توظيف معرفته الموسوعية ضد الاحتلال الفرنسي، والسعي نحو استقلال لبنان. وقد ظل على دَرْبه المعرفي والنضالي حتى توفَّاه الله عام ١٩٤٠م، بعد أن ترك إرثًا أدبيًّا وعلميًّا ضخمًا.