درج بعض المثقفين أوائل القرن العشرين القيام برحلات علمية وترفيهية، يطوفون فيها بالعديد من البلدان، ويتعرفون على الجديد من الثقافات، وصاحب الكتاب «الأمير محمد علي باشا» هو أحد مثقفي عصره المولعين باقتناء الخيول، وعلى الرغم من أنه لم ينل مبتغاه من الرحلة وهو مشاهدة الخيول والتمتع بها، إلا أنه ترك لنا أثرًا أدبيًا مُعبِّرًا بصدق عن تلك الفترة التي كانت البلاد العربية تستعد لثورتها، بعد أن عاشت سنوات عجافًا كانت نهاية الخلافة العثمانية. وبجانب اهتمامه بالخيول كان شغوفًا بالعلم والحث على المثابرة في طريقه، فقد حرص خلال رحلته على زيارة المدارس والالتقاء بالطلبة المصريين هناك، وحثهم على جعل مقصدهم هو رفعة أوطانهم وتحريرها لا النفوذ والسلطة.
محمد علي: هو ابن الخديوي «محمد توفيق»، كان وصيًّا على عرش مصر في الفترة التي تلت وفاة الملك «فؤاد الأول» وجلوس «فاروق» على العرش. وُلِد الأمير «محمد علي باشا توفيق» بالقاهرة عام ١٨٧٥م، ودرس بالمدرسة العليا بعابدين، ثم أُرسل إلى سويسرا لاستكمال دراسته؛ حيث درس العلوم العسكرية بمدرسة «هكسوس» بجينيف، ثم عاد إلى مصر بعد وفاة والده الخديوي «توفيق» عام ١٨٩٢م. كان الأمير «محمد علي» حليفًا للإنجليز؛ رغبةً منه في أن يجعلوه حاكمًا على مصر؛ حيث حاول أكثر من مرة الاستحواذ على حكم مصر منذ كان وصيًّا على العرش بحجةِ صِغَر سن «فاروق»، ولكن الملكة «نازلي» (والدة «فاروق») استطاعت بحكمتها الحفاظ على عرش ابنها. كان الأمير مولعًا بالجياد ويهوى اقتناء الخيول العربية؛ ولذلك دأب على البحث عن أنواعها الجيدة في أسفاره. وقد وضع كتابه «الرحلة الشامية» أثناء سفره إلى بلاد الشام، التي سافر إليها طلبًا لتبديل الهواء ومشاهدة معالم سوريا ولبنان، والبحث عن الخيول الأصيلة التي كان يعشقها، وقد أشار إلى مشاهداته المختلفة في تلك البلاد وما لفت نظره وأقلقه من تفشي البضائع الأجنبية في أسواق الشام، وكذلك زيادة أعداد المبشِّرين المسيحيين المُبتعَثين للشام؛ حيث شعر بخطورة التدخل الأجنبي. تُوفي «محمد علي» في ١٩٥٤م دون أن يترك ذُريَّة؛ حيث كان قد أُصيب في حادثٍ منعه من الزواج.