لم تكن زيارة تركيا إحدى مشروعات مؤلف الكتاب «توفيق حبيب» أو الصحافي العجوز — كما أطلق على نفسه؛ فرحلة كهذه تحتاج لمصاريف كثيرة يصعب عليه توفيرها. لكن السعادة طرقت بابه عندما سمع أن «جمعية الشبان المسيحيين» بمصر تنوي القيام برحلة ذات نفقات مخفضة لأعضائها، فلا يترك المؤلف الفرصة تغادره ويلتحق بالجمعية؛ لكي يتسنى له قضاء بضعة أيام ببلاد الأناضول السعيدة، وأيضًا ليعاين حالها وحال أهلها بعد زوال «الخلافة السلطانية». وسريعًا ما يضعنا حبيب في الأحداث؛ فيصف لنا بشكل طريف تفاصيل الرحلة وزملاء السفر، وما فعله بهم دوار البحر على الباخرة، ولكنهم ما إن وصلوا إلى ميناء «إستامبول» حتى تفرقوا في أحيائها يشاهدون المزارات ويقصدون المقاهي والمطاعم التركية ويتمتعون بمكونات متاحفها ليتزودوا بالمسرات الطيبة البريئة؛ ليعودوا في الآخر للقاهرة محملين بالذكريات السعيدة.
توفيق حبيب: صحفي ومترجم مصري. ولد «توفيق حبيب مليكة» في عام ١٨٨٠م في أسرة قبطية وتلقى تعليمًا تقليديًّا كأغلب أقرانه آنذاك. استهوته الصحافة فعمل مخبرًا صحفيًا في البداية يجمع الأخبار ويسجلها، ثم بدء في كتابة سلسلة مقالات ﺑ «جريدة الأهرام» تحت عنوان «على الهامش» كان يوقعها باسم «الصحافي العجوز»، وقد تميز بأسلوب خاص يجمع بين السخرية والحكمة في أسلوب وعبارات بسيطة. يعتبرحبيب من أوائل الأقباط المصريين الذين اشتغلوا بالصحافة، وقد ألف العديد من الكتب التي تهتم بأدب الرحلات وتصف أسفاره نذكر منها «شهران في أروبا» و«رحلة إكسبرس من إسكندرية وإستامبول» و«تذكار المؤتمر القبطي» وغيرها. توفي توفيق حبيب في عام ١٩٤١م عن ستين عامًا قضى أربعين عامًا منها في بلاط صاحبة الجلالة (الصحافة).