«كان هذا منذ سنواتٍ بعيدة، وما زالت الحال بين «بهجت» و«كريمة» و«عطاء» على حالها حتى يومنا هذا؛ فقد حرصا أن يزوراه مرتَين أو ثلاثًا في الشهر، وزاد عليهما منذ سنوات «بهجت» الصغيرُ و«كريمة» الصغيرة؛ ابنُ «عطاء» وبنته … وما زالت الحياة تمضي بهم جميعًا، وسبحان الله العَفُو الرحمن الرحيم!»بأسلوبٍ دراميٍّ مُبدِع يَرصُد الأديب «ثروت أباظة» في هذه الرواية عددًا من النماذج الاجتماعية التي عاشت في حِقبةِ ما قبل عُدوان ١٩٥٦م، وقد دخلَت تلك النماذج في صراعٍ قوي بين الخير والشر، بين القناعة والطمع، ولكن بالرغم من هذا الصراع هناك أملٌ دائمًا في انتصار الخير والفضيلة، ومن هذه النماذج «بهجت» ابن العمدة «سعيد العزوني»، شابٌّ طَمُوح، حصل على وظيفةٍ مرموقة في شركةٍ كبيرة لأحد أصدقاء والده، وتَزوَّج «كريمة» ابنةَ صاحب الشركة، التي وَرِثت عن أبيها الكثير، ورُزِق منها ﺑ «عطاء»، ولكنَّ «بهجت» لم يَشعُر بالسعادة في حياته؛ إذ لم يكن قانعًا بحاله فأراد المزيدَ من الغِنى والجاه، فقاده طمَعُه إلى خيانةِ مَبادئِه وبيته ووطنه، وأُودِع السجنَ لسنوات، لكنْ تُرى هل سيَتخلَّل شعاعُ الأمل إلى قلبه ويعود إلى صوابه، أم سيظل مُنجرِفًا وراء مَطامِعه؟
ثروت أباظة: روائيٌّ وكاتبٌ مصريٌّ مرموق، عُرِفَ بحِسِّه الوَطَني، ويَنتسبُ إلى عائلةٍ مصريةٍ عريقةٍ هي عائلةُ أباظة، وهو ابنُ السياسيِّ المصريِّ إبراهيم دسوقي أباظة. وُلِدَ «محمد ثروت إبراهيم دسوقي أباظة» بالقاهرةِ عامَ ١٩٢٧م. حصلَ على ليسانس الحقوقِ من جامعةِ فؤادٍ الأولِ عامَ ١٩٥٠م. كانتْ بدايةُ حُبِّه للقِراءةِ عندما أهداهُ والِدُه مجموعةً من مُؤلَّفاتِ الكاتبِ المصريِّ «كامل كيلاني»، ثُمَّ قرَأَ تِباعًا أعمالَ طه حُسَين، وتَوْفيق الحَكِيم، وعبَّاس العقَّاد، وأحمد شَوْقي. تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة. ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج. أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه. تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه. تُوفِّيَ ثروت أباظة عامَ ٢٠٠٢م.