«جلس شين وماريان متجاورَين على الأريكة، متخبِّطَين، متواطئَين رغم أنهما مزعزعان، وعلى أحد المقعدَين القِرمِزيَّين جلس توما ريميج، ممسِكًا بملف سيمون ليمبر الطبي بين يدَيه … لا شيءَ أبعد على هذا الكوكب من هذين الكائنَين في الممر، وهذا الشاب الذي أخذ مكانه أمامهما بهدف — نعم بهدف — الحصول على موافَقتهما على نقل أعضاء طفلهما.»معزوفةٌ شديدة الشَّجن تمتزج فيها الحياة بالموت والألم والقسوة، تُصِيبك بالارتباك أمام موقف إنساني لا يمكِنك أن تعبُره بأمان؛ هذا ما ستلمسه في هذه الرواية حيث الموت والحياة متضافران في جَديلة واحدة؛ ﻓ «سيمون ليمبر» شاب يافع في التاسعة عشرة من عمره، ممتلئ بالحياة والبهجة، يتوقَّف دماغه عن العمل إثرَ حادثِ سير، وبعد أن يتلقَّى والداه صدمةَ موته، يُطلَب منهما أن يوافقا على منح أعضائه إلى آخَرين يحتاجون إليها حتى يتمكَّنوا من الحياة، وعندئذٍ تتحوَّل الفجيعة إلى وسيلةٍ لحياة آخَرين، ويصبح قلب «سيمون» سببًا لأن تشرق حياةُ شخصٍ آخَر بدلًا من أن تواريها عتمةُ الموت. يُفزِع الوالدَين تجوُّفُ جسدِ ابنهما بعد إفراغه من أعضائه الداخلية، وهو فزعٌ لا يخفِّف من وَطْأته وعدُ المُمرِّض «توما» لهما بترميم الأطباء جسدَه بعد انتزاع أعضائه، فيُصِرَّان على الاحتفاظ بعينَيه.
مايليس دو كِرانجال: واحدةٌ من أهمِّ رِوائيي فرنسا، حصَدت الكثيرَ من الجوائز الأدبية، وتُرجِمت أعمالُها إلى الكثير من اللُّغات العالمية. وُلدت عام ١٩٦٧م بمدينة طولون الفرنسية. درسَت التاريخ والفلسفة والإثنولوجي بجامعة باريس، وبدأت العملَ في مؤسسة جاليمار للشباب عام ١٩٩١م، وفي عام ١٩٩٨م قرَّرت مواصَلة دراستها الجامعية في العلوم الاجتماعية في باريس. أمَّا عن تجرِبتها الأدبية؛ فقد نشرَت أولَ رواية لها عام ٢٠٠٠م بعنوان «أمشي تحت سماء متقلِّبة». ثم تَوالَت أعمالها الروائية المهمة التي جعلَتها تنال مكانةً مرموقة في عالَم الأدب الفرنسي مثل: «ميلاد جسر»، و«نحو الشرق»، و«عالم في متناول اليد»، و«شفاء الأحياء» (التي حصدَت وحْدَها عشرَ جوائزَ أدبية). كما نالت «كرانجال» جائزةَ «هنري جاك» الكبرى للأدب عام ٢٠١٤م عن مُجمَل أعمالها.