«ربما يُدهِشك يا قارئي أن تسمعني أتحدَّث عن تلك الأشياء التي لا حياةَ فيها مثل الحجَر، وكأنها كائنات قادرة على إقامةِ علاقةٍ سببية مع شخصٍ معيَّن، وتريد الانتقامَ منه!»مجموعةٌ قصصية تدور حول فكرة الهوَس الشديد الناجم عن آراء الآخَرين، أو عن البحث عن شيء والرغبة الملِحَّة في إيجاده؛ وتناقش كيفية تأثير هذا الهوَس في الثقة بالنفس، حتى إنه قد يؤدِّي إلى حالةٍ من الاضطراب النفسي والذهني قد تدفع صاحبَها إلى الانتحار، كما في قصة «هوَس العُمق» التي اتُّخِذ اسمُها عنوانًا للمجموعة، والتي تحكي عن فنَّانة تشكيلية بحثَت في الكتب ومَعارض الفنَّانين العالميين عن العُمق الذي تفتقر إليه أعمالها، لكنها عجزَت عن إيجاده؛ فأُصِيبت بحالةٍ من الاضطراب النفسي والعصبي، دفَعَتها إلى الانتحار! وفي قصة «معركة» يتشكَّك أحدُ محترفي لعبة الشطرنج في قُدراته في مباراة أمام أحد المبتدئين؛ فقط لأن هُتاف الجماهير كان لصالح اللاعب الآخَر. أمَّا قصة «وصية السيد «موسار»»، فيموت فيها هذا السيد مُصابًا بالتحجُّر العقلي نتيجةَ هوَسه الشديد بفكرةِ أن أصل العالَم صَدَفةٌ حجَرية!
باتريك زوسكيند: روائيٌّ ألماني شهير، صاحب رواية «العطر» التي ظلت أكثرَ من ثمانية أعوام تتصدَّر قائمةَ الكتب الأكثر مبيعًا، سواء باللغة الألمانية أو باللغات التي تُرجِمت إليها، وهو نجاحٌ تجاري لم يتحقَّق لأيِّ عملٍ أدبي ألماني. وُلد عام ١٩٤٩م في إحدى قرى بافاريا جنوبي ميونخ، لعائلةٍ تهتمُّ بالعلم والمعرفة؛ فقد كان والده مترجمًا ومُعاوِنًا في صحيفة «زود دويتشه تسايتونج»، كما كان أخوه صحفيًّا. درَس تاريخ العصور الوسطى والتاريخ الحديث في جامعات فرنسا وألمانيا، ثم عمل في أعمالٍ وأماكنَ مختلفة، وكتب عدةَ قصصٍ قصيرة وسيناريوهات لأفلام سينمائية، لكنه مُنِي بإحباطاتٍ كثيرة أفقدَته الرغبةَ في الكتابة، واستمر هكذا حتى عُرِضت «الكونترباص» (١٩٨١م) على المسرح، ثم كانت رواية «العطر» (١٩٨٥م) التي حقَّقت له شهرةً واسعة، وعُرِضت في فيلم سينمائي عامَ ٢٠٠٦م، وجعلته في الصف الأول للروائيِّين الألمان، وصاحِب الكتب الأكثر مبيعًا. بجانب هاتين الروايتَين، كتَب العديدَ من الأعمال الروائية المتميِّزة، ومن أبرزها: «الحمامة» (١٩٨٧م)، و«حكاية السيد زومر» (٢٠٠٣م)، و«عن الحب والموت» (٢٠٠٦م).