«وقف وانج لنج مستندًا إلى فأسه يَطفح حزنًا وغمًّا. سيمر موسمُ حصادٍ آخَر قبل أن يتمكَّن من شراء تلك الأرض، قطعة تجاوِر القطعة التي اشتراها من قبل. ثم هذا الفَم الجديد بالمنزل. وفي تلك الآوِنة طار فوق رأسه سِرب من الغربان يَنعق … تأوَّه وانج لنج بصوت عالٍ. إنه نذيرُ شؤم.»تُعَد رواية «الأرض الطيِّبة» من أهم الكتب التي تناوَلت حياةَ الريفيين الصينيين البُسطاء، وتدور أحداثها حول مَسيرة كفاح الفلَّاح الصيني «وانج لنج» وعلاقته بأرضه التي أخلَص لها، فحوَّلته من فلَّاح بسيط إلى أحد الأثرياء وملَّاك الأرض الكِبار؛ فقد استطاع هو وزوجته أن يجتهدَا في زراعة أرضه ورعاية محاصيلها، حتى تمكَّنَ من شراء أرض أسرة «هوانج» الثَّرية بعد إفلاسها. لكن فجأةً تشحُّ المياه، وتَذبل المحاصيل، وتحلُّ المجاعة، ويعاني هو وأسرته الجوع، لكنه يظلُّ متمسِّكًا بأرضه ويرفض بيعها، ويجتهد حتى يستعيد ثراءَه مرةً أخرى، إلا أن أحوالَ الأسرة تظلُّ في اضطراب وتبدُّل بين الثراء والفقر حتى يموت «وانج لنج» وزوجته، فيفكِّر الأبناء في بيع الأرض، فهل سيفعلون؟!
بيرل باك: روائيةٌ وكاتبة أمريكية، حصلت على «جائزة نوبل» في عام ١٩٣٨م عن مُجمَل أعمالها، التي قالت عنها لجنة الجائزة إنها «تمهِّد الطريقَ للتعاطُف الإنساني الذي يتجاوز الحدودَ العِرقية السحيقة»، وكانت أولَ امرأة أمريكية تحصل على الجائزة. وُلدت في الولايات المتحدة عام ١٨٩٢م لأبٍ وأم مُبشِّرَين، سافَرا بها وهي رضيعة إلى الصين، حيث عاشت حتى بلغَت الأربعين من عمرها. درست الأدبَ الإنجليزي والكتابةَ في جامعة راندولف ماكون في فيرجينيا، وتزوَّجت من الاقتصادي الأمريكي «جون لوسنغ باك»، وعاشت معه حياةً قاسية في الصين، وعملت مبشِّرةً هناك لثلاث سنوات. طُلِّقت من «جون» وتزوَّجت من الناشر «ريتشارد وَلش» في اليوم نفسه، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة نهائيًّا، وامتنعَت عن زيارة الصين بعد الثورة الشيوعية عام ١٩٤٩م. بدأت الاشتغال بالكتابة في عام ١٩٣٠م، وكتبت روايتها «ريح الشرق، ريح الغرب» ونشرتها في الولايات المتحدة، ثم عاصَرَت فيضاناتِ عامِ ١٩٣١م في الصين لتكتب عنها مجموعةً من القصص القصيرة المؤثِّرة حول المشرَّدين واللاجئين الذين خلَّفتهم، وجمعتها في كتاب بعنوان «الزوجة الأولى وقصص أخرى». ثم في عام ١٩٣٢م أصدرَت روايتها الشهيرة «الأرض الطيِّبة» التي حازَت بها شُهرةً عالمية، وحصلت بفضلها على «جائزة البوليتزر». كانت كاتبةً غزيرةَ الإنتاج، فأصدَرت أكثرَ من ثمانين رواية، وما يربو على مائة قصة قصيرة، وتميَّزت كِتاباتُها — بحسب وصفِ النقَّاد — بالنَّثر الجميل والسرد المشوِّق. عاشت «باك» في الولايات المتحدة حتى تُوفِّيت بسرطان الرئة في عام ١٩٧٣م.