«ولكنه فُوجِئ بأفروديتي — ربَّة الجَمال والحُب — تقف في دَلال، وتتقدَّم منه في خُيلاء، وترنو إليه بابتسامةٍ رائعة، لم يستطِع لسِحرها مقاوَمة، ولا عليه امتناعًا، وتقول له بصوتٍ نديٍّ رخيم، كأنما يُعلن به الحبُّ عن نفسه: «أيْ باريس، أعطني التفاحة، وسوف أهَبُك أجملَ امرأة في العالم؛ لتُصبح زوجةً لك!» ولم يتمالك باريس نفسَه، ولم يخامره التردُّد لحظة، بل اندفع مسرعًا، وأعطى أفروديتي — ربَّة الجَمال والحُب — التفاحة.»لم تحظَ حربٌ في التاريخ باهتمام المؤرِّخين والأدباء والشعراء مثلما حظيت حربُ طروادة، فنُسِجت حولها الحكاياتُ والملاحم والأشعار، ولعل مَلحمتَي «الإلياذة» و«الأوديسة» أشهرُ الأدبيات التي استقى منها الكتَّاب رواياتهم حول هذه الحرب. والكتاب الذي بين أيدينا هو أحدُ هذه الروايات، وهو يبدأ بالحُلم المزعِج الذي رأته «هيكابي» زوجةُ «برياموس» ملكِ طروادة أثناء حملها الثاني؛ إذ رأت أنها أنجبت شعلةً متوهِّجة من النار سرعان ما انتشرَت في أرجاء طروادة، فيقرِّر «برياموس» بعد أن تضع زوجته حَمْلها التخلُّص من وليده فوق قمة جبل «إيدا»، أملًا في أن تفترسه الوحوش الضارية. لكن القدَر كان يحمل شيئًا آخر؛ فقد عاش ابنه الذي سُمي «باريس»، وكبُر وعرَف بدمائه المَلَكية، وعاد بعد عشرين عامًا إلى أبيه. فهل سيتحقَّق حُلم «هيكابي» المخيف؟ سنرى!
أمين سلامة: مُترجِم وكاتب مصري، وُلد عام ١٩٢١م بالخرطوم في السودان. ترعرع في أسرةٍ تهوى العلم، وتهتم بالدراسة الأكاديمية العلمية، بينما وجَّه هو اهتمامَه إلى الدراسة الأكاديمية الأدبية. تَخرَّج «أمين سلامة» في قسم الدراسات القديمة بكلية الآداب، جامعة القاهرة، وذلك في عام ١٩٤٣م، وفي عام ١٩٤٧م حصل على شهادة الماجستير في الآداب اليونانية واللاتينية. شغل العديد من الوظائف الإدارية والعلمية؛ ففي بداية عمله كان أمينًا لغرفة النقود بالمكتبة العامة بجامعة القاهرة، ثم انتُدب للعمل بتدريس اللغة اللاتينية بكلية الآداب، جامعة القاهرة، كما كان أمينًا بقسم الجغرافيا بجامعة القاهرة حتى عام ١٩٥٤م. كذلك عمل بتدريس اللغة الإنجليزية من عام ١٩٥٥ حتى عام ١٩٥٨م، وذلك عقب التِحاقه بخدمة الحكومة السودانية، وفور انتهاء خدمته عمل مُدرسًا للغة الإنجليزية بالمدارس الأجنبية بالقاهرة، وذلك عام ١٩٦١م، كما عمل بالتدريس الأكاديمي بالجامعة الأمريكية في مصر، وبجامعات أمريكا وكندا. كان «أمين سلامة» مولعًا بدراسة التاريخ اليوناني والروماني، وكان يحب السفر كل عام إلى اليونان للبحث في مكتباتها عن المخطوطات النادرة، واستطاع عبر سنوات حياته العلمية الاطِّلاع على أمهات الكتب اليونانية والرومانية وعلى أروع ما أنتجَته هاتان الحضارتان العظيمتان من أعمالٍ مسرحية وتراجيدية وفلسفية مهمة، وقد أتقن ترجمة هذه الأعمال من لُغتها الأصلية، سواءٌ اليونانية القديمة أو اللاتينية، ومن اللغة الإنجليزية أيضًا، إلى اللغة العربية، إلى جانب تأليفه للكثير من الأعمال المهمة. أما عن أعماله المترجمة فنذكر منها: «الإلياذة»، و«الأوديسة»، و«الأساطير اليونانية والرومانية». وأما عن مؤلفاته فنذكر منها: «الذات واللذات»، و«اليونان وشاهد عيان»، و«حياتي في رحلاتي». تُوفِّي «أمين سلامة» عام ١٩٩٨م بمحافظة القاهرة، تاركًا إرثًا علميًّا كبيرًا من المؤلفات والترجمات التي تُثري وتُعزِّز مكتباتنا وثقافتنا العربية.