«رأى شيخًا مَهيبًا وجهُه كله صلاحٌ وتقوى ونور يركب البحر، ولكن مركبه فيه ليس سفينةً ولا هو قارب، وإنما حوتٌ ضخم يشق به العُباب، ويأتمر بأمره، ولم يكُن حين يأمره يحدِّثه، وإنما كان الحوت يدري ما يريد سيده، فيأتمر بأمره بصورةٍ تلقائية لا يعرف الناس لها مثيلًا.»يستوحي «ثروت أباظة» روايتَه التي بين أيدينا من قصة «موسى» عليه السلام؛ إذ تحكي الرواية قصة «سامي»؛ الطفل الذي انتظر أعداءُ أبيه ولادتَه للثأر منه، لكنَّ أخته استطاعت تهريبَه ليلًا إلى قريةٍ مجاوِرة ليتبنَّاه عمدتُها الذي لم يكُن يُنجِب، وأصبح هذا الطفل قرَّة عينه وعين زوجته، وقد استطاعت أخته أن تُحضر أمه «رتيبة» لتكون مُرضِعته ومُربِّيته في بيت العمدة. يشبُّ الطفل حتى يجتاز المرحلة الإعدادية بتفوُّق وينتقل إلى الثانوية، وفي إحدى الليالي يرى رؤيا تغيِّر مسار حياته كليًّا. فماذا رأى؟ وكيف ستتغيَّر حياته؟ هذا ما سنعرفه من أحداث هذه الرواية المثيرة.
ثروت أباظة: روائيٌّ وكاتبٌ مصريٌّ مرموق، عُرِفَ بحِسِّه الوَطَني، ويَنتسبُ إلى عائلةٍ مصريةٍ عريقةٍ هي عائلةُ أباظة، وهو ابنُ السياسيِّ المصريِّ إبراهيم دسوقي أباظة. وُلِدَ «محمد ثروت إبراهيم دسوقي أباظة» بالقاهرةِ عامَ ١٩٢٧م. حصلَ على ليسانس الحقوقِ من جامعةِ فؤادٍ الأولِ عامَ ١٩٥٠م. كانتْ بدايةُ حُبِّه للقِراءةِ عندما أهداهُ والِدُه مجموعةً من مُؤلَّفاتِ الكاتبِ المصريِّ «كامل كيلاني»، ثُمَّ قرَأَ تِباعًا أعمالَ طه حُسَين، وتَوْفيق الحَكِيم، وعبَّاس العقَّاد، وأحمد شَوْقي. تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة. ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج. أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه. تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه. تُوفِّيَ ثروت أباظة عامَ ٢٠٠٢م.