هم ذاكَ الوجهُ الآخرُ لأحداثِ الحياةِ اليومِية، تلكَ الرؤيةُ المغايرةُ الَّتي لا يَلمحُها مارٌّ عبرَ سطحٍ هشٍّ يَختبئ خلفَهُ أبطالٌ حقيقيُّونَ لحكاياتِهم البسيطَة، كادحونَ صالِحونَ يُمارِسونَ في الحياةِ أنبلَ ما فيها، إلا أنَّهم لا يَحصُدونَ سِوى العقَبات؛ يُصبحونَ شرارةَ الثوراتِ وأولَ مَن يُجنَّدُ للحُروب، ولا يُمْسُونَ ممَّنْ يَنالونَ الأَوسِمةَ أو تُقامُ لهم النُّصُب، همُ العُمَّالُ بأرواحِهمُ المُنهَكةِ وحيواتِهم المُمتلئةِ بأكثرَ مِن حياة. هلْ للأدبِ دورٌ أسمَى مِن قصِّ رواياتِهم؟ ها هوَ «إلياس أبو شبكة» يأخذُنا في رحلةٍ إلى إِحْدى حِكاياتِهم، يُعرِّفُنا ببطلِها «فريد» ورحلتِهِ عبرَ الحبِّ والحربِ حتَّى يفوزَ بقلبِ «الفتاة الزرقاء»، يُخاطبُه ويُخاطبُنا معَه قائلًا: «اتبعْ أحلامَكَ يا فريد؛ فالمستقبلُ المُبهَمُ لن يَخونَ أمانيك، اتبعْ أحلامَكَ بنشاطٍ وحميَّة، فلا يعلمُ أحدٌ في أيِّ طريقٍ يقودُهُ الله!»
إلياس أبو شبكة: شاعِرٌ وأَدِيبٌ لبنانِي، أسَّسَ «عُصْبةَ العَشَرةَ» الأَدَبيَّةَ الَّتي ضَمَّتْ عَددًا مِنَ الكُتَّابِ والأُدَباءِ اللبنانيِّينَ الَّذِينَ ثَارُوا عَلى الأَسالِيبِ القَدِيمةِ للأَدَب، وعَمِلُوا عَلى كسْرِ الجُمودِ الفِكْريِّ الَّذِي كانَ فِي الحَياةِ الثَّقافِيَّةِ العَرَبيَّة. اتَّسمَتْ قَصائِدُه بالوَاقِعيَّةِ والنُّضْج، وأَحْدثَ دِيوانُه الشَّهِيرُ «أَفاعِي الفِرْدَوْس» ضَجَّةً فِي الأَوْساطِ الثَّقافيَّةِ العَرَبيَّة؛ إذْ رسَمَ بمَهارةٍ فَنيَّةٍ عالِيةٍ لَوْحاتٍ نابِضةً بالحَياةِ عَكسَتْ حالَتَه النَّفْسيَّةَ الثائِرةَ مُستخدِمًا تَراكِيبَ لُغَويَّةً مُبتكَرةً وصُوَرًا خَياليَّةً جَدِيدة. تُوفِّيَ إلياس أبو شبكة فِي عامِ ١٩٤٧م.