«أنتَ لا تستطيعُ أنْ تقتلَني، وإذا قتلتَني فإنِّي لن أموت … أنا أملٌ في نفسِك، فكرةٌ في ضميرِك … الزواجُ مِني حُلمُ طفولتِكَ وصِباكَ وشبابِك. إذا قتلتَني فسأظلُّ في نفسِكَ أملًا وفكرةً وحُلمًا … وسيظلُّ الحُلمُ حُلمًا لم يتحقَّق.» ما من مجتمعٍ إلا وفيه «عتريس». تختلفُ الشخصياتُ والزمانُ والمكانُ ويبقى التسلطُ بمظاهرِه ومقوِّماتِه وجبروتِه، نشاركُ فيه أحيانًا برضوخِنا له، ونتأذَّى منه دومًا باعتدائِه على حقوقِنا، وفي هذه الروايةِ نجدُ أنَّ الخوفَ هو مجردُ شعورٍ ضعيف، شيءٌ يمكنُ انتزاعُه من أنفُسِنا، فإن خرجَ منها تغلَّبَتْ على مَن زَرعَه فيها. ولكن هل يتمكَّنُ المجتمعُ القَرويُّ البسيطُ من انتزاعِ خوفِه ليَصرخَ في وجهِ الاستبداد؟ إنْ كنتَ قد شاهدتَ الفيلمَ المأخوذَ عن هذه الروايةِ فستحتاجُ إلى قراءةِ ما كتبه المؤلفُ قبلَ تدخُّلِ المعالجةِ السينمائية، وإن لم يسبقْ لك مشاهدتُه فهذه فرصتُكَ للتعرفِ على واحدةٍ من أشهرِ كلاسيكياتِ الرِّواياتِ العربية، وهي الرِّوايةُ صاحبةُ المركزِ ٧٢ ضِمنَ قائمةِ أفضلِ مائةِ روايةٍ عربية.
ثروت أباظة: روائيٌّ وكاتبٌ مصريٌّ مرموق، عُرِفَ بحِسِّه الوَطَني، ويَنتسبُ إلى عائلةٍ مصريةٍ عريقةٍ هي عائلةُ أباظة، وهو ابنُ السياسيِّ المصريِّ إبراهيم دسوقي أباظة. وُلِدَ «محمد ثروت إبراهيم دسوقي أباظة» بالقاهرةِ عامَ ١٩٢٧م. حصلَ على ليسانس الحقوقِ من جامعةِ فؤادٍ الأولِ عامَ ١٩٥٠م. كانتْ بدايةُ حُبِّه للقِراءةِ عندما أهداهُ والِدُه مجموعةً من مُؤلَّفاتِ الكاتبِ المصريِّ «كامل كيلاني»، ثُمَّ قرَأَ تِباعًا أعمالَ طه حُسَين، وتَوْفيق الحَكِيم، وعبَّاس العقَّاد، وأحمد شَوْقي. تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة. ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج. أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه. تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه. تُوفِّيَ ثروت أباظة عامَ ٢٠٠٢م.