«أخذ الطبيب يَرقب الثور شوانجين، بينما كان هذا يتطلَّع إليه شزْرًا بجانب عينه، فما كاد لاوتونغ يقترب من ذيله حتى استدار بمؤخِّرته واستتر بالعم دو، فأسرع الرجل ودار به دورة كاملة ليكون في الصدارة، فلم يَلبث الثور أن لفَّ بجِرْمه هو الآخَر، وعاد مرةً ثانية ليحتمي بظَهر العم دو الذي تأفَّف مستنكِرًا: ياه! … هذا ليس ثورًا، بل عِفريت!»يأخذنا الروائي الصيني «مو يان» في رحلة ساحرة إلى الريف الصيني في القرن العشرين بعد ثورة التحرير، وبالتحديد في أثناء حُكم الرئيس الصيني «ماو تسي تونغ»؛ ليَرصد حياة الريفيِّين البائسة ومُعاناتَهم اليومية من خلال الطفل المشاغِب «روهان»، الذي يروي عمليةَ خَصْي الثيران في بلدته، وكيف تُمثِّل ضرورةً مُلحَّة من أجل الحد من نسلها؛ حفاظًا على الموارد الزراعية المُتاحة. لكنَّ الثور «شوانجين» يتعرَّض لنزيفٍ حادٍّ نتيجةَ عملية الخَصْي التي أُجرِيت له، فيُحاول الريفيون علاجَه وإنقاذه من الموت؛ وعندئذٍ نَلمِس الكثيرَ من المشاعر الإنسانية لدى القرويين وتعاطُفهم مع «شوانجين» وخوفهم عليه، وخاصةً العم «دو» الذي تمنَّى لو مات هو بدلًا من الثور.
مو يان: أديبٌ صيني عالمي، نال «جائزةَ نوبل في الأدب»، وتُرجِمت أعماله إلى مختلِف لغات العالم. وُلِد عام ١٩٥٥م بإحدى قرى الريف في شمال شرق الصين لعائلةٍ من المزارعين، وقد شارَك أسرتَه في أعمال الزراعة بجانب دراسته، كما التحق بجيش التحرير الشعبي في العشرين من عمره، ثم عمل معلمًا في قسم الآداب بأكاديمية الجيش الثقافية، وفي عام ١٩٩١ حصل على درجة الماجستير في الآداب من جامعة بكين للمعلمين. بدأت موهبته الأدبية في الظهور في سنٍّ مبكِّرة، فراح يَسرد العديدَ من القصص المُستوحاة من بيئته الريفية محمَّلةً بأبلغ المعاني الإنسانية والتفاصيل الدقيقة، وتميَّز بأسلوبٍ سِحري أخَّاذ وصفَته الأكاديميةُ السويدية المانحة لجائزة نوبل قائلةً: «مزَج الخيالَ بالواقع من خلال المنظورات التاريخية والاجتماعية، لقد خلق «مو يان» عالمًا يُذكِّرنا بتلك التعقيدات في كتاباتِ وليم فوكنر وغابريل غارسيا ماركيز، وفي نفس الوقت استفاد من الأدب الصيني القديم والأدب الشفاهي.» وقد لقي قبولًا واسعًا بين جمهور القرَّاء بفضلِ أعماله التي نُشِرت تِباعًا، وتُرجِمت إلى معظم لغات العالم ومنها اللغة العربية، والتي استطاع من خلالها أن يُساهِم بدورٍ رائد في صناعة الأدب الصيني. ومن أبرز هذه الأعمال الروائية والقصصية: «الذرة الرفيعة الحمراء»، و«الثور»، و«مطر هاطل في ليلة ربيعية»، و«خطة فول الصويا»، و«مخدع من البلور»، و«البحار»، و«الضفدع»، و«جمهورية النبيذ»، و«أغنيات الثوم»، وغير ذلك من الأعمال الإبداعية المتميزة. نال «مو يان» العديدَ من الجوائز المحلية والعالمية المتميزة، أبرزها «جائزة نوبل في الأدب» التي نالها عام ٢٠١٢م، و«جائزة فوكاكا الثقافة الآسيوية» عام ٢٠٠٦م، و«جائزة الأدب ماو دان» عن رواية «الضفدع»، و«جائزة نيومان الصينية للأدب» عام ٢٠٠٩م.