نقع جميعًا أسرى لذكريات طُفولتنا، فيتعلق بعضها بأذهاننا ويسقط الآخر بفعل الزمن أو بفعل التغيير الذي يطرأ على عقولنا وإدراكنا، و«مارون عبود» هنا يَحكي لنا روايته الشخصية عن ثلاثةٍ من قريته، هم: «فارس آغا» عسكري القرية، و«الخوري يوسف» مُحب العزلة، و«العم قرياقوس» ملك العسل. فلكلٍّ منهم بدايةٌ مشرقة ونهايةٌ قاتمة مُعتمة؛ فالعسكري سُجن على أثر وشايةٍ من الخوري، و«قرياقوس» مات مُحترقًا فقيرًا مَدينًا، أما الخوري فبعد زُهده طمع في أموال اليتامى ومات مقتولًا في ضيعته ودُفن بغير عزاء، هكذا صاغ «مارون عبود» حكايته بلهجةٍ لبنانية قديمة هي ابنة عصرها الذي يرجع إلى ١٩١٤م.
مارون عَبُّود: رائِدُ النَّهْضةِ الأَدَبيَّةِ الحَدِيثةِ في لبنان، وهُوَ الكاتِبُ الصَّحفِي، والرِّوائيُّ الساخِر، والقَصَّاصُ البارِع، والشاعِرُ الَّذي نَظَمَ الشِّعرَ عَلى اسْتِحْياء؛ فلَمْ يَرِثِ الأَدبُ منهُ سِوى القَلِيل، وهوَ الناقِدُ الَّذي فُلَّتْ سِهامُ النُّقَّادِ أَمامَهُ إِجْلَالًا واحْتِرامًا، والمُؤرِّخُ والمَسرَحِي، وزَعِيمٌ مِن زُعَماءِ الفِكْرِ والفنِّ في العَصْرِ الحَدِيث. نالَ مارون عَبُّود العَدِيدَ مِنَ الأَوْسِمة؛ مِنْها: وِسامُ المَعارِفِ مِنَ الدَّرَجةِ الأُولى، ووِسامُ الاسْتِقلالِ مِنَ الدَّرجةِ الثَّانِية، وأَثْرى المَكْتبةَ العَرَبيةَ بالعَدِيدِ مِنَ المُؤلَّفاتِ الأَدَبيَّةِ والشِّعْريَّةِ والنَّقْديَّة؛ مِنْها: «نَقدات عابِر»، و«تَذْكار الصبا»، و«زَوَابِع». وَافتْه المَنيَّةُ عامَ ١٩٦٢م.