«سيدي الرئيس! سيدي الرئيس! السماء والأرض مَلِيئتان بأمجادك!»بأسلوبٍ ساخرٍ يَرقى إلى حدِّ المأساة تَناوَل «أستورياس» صورةَ الديكتاتور، والتي استمدَّها من شخصيةِ «مانويل إستيرادا كابريرا» الذي حكَم «غواتيمالا» مدةَ عشرين عامًا، ومن حالِ الشعبِ تحت حُكم هذا الديكتاتور، من خلال القضية المعروفة ﺑ «رواق الرب»، وهي قضيةُ قتلِ الجنرال «باراليس سونرينتي». كانت الشرطة قد قرَّرت توجيه تهمةِ القتل إلى كلٍّ من الجنرال «أيوسيبيو كاناليس» والمحامي «قابيل كارفخال» لأن السيدَ الرئيس غاضبٌ منهما، ولكنَّ هذا الاتهام مُنافٍ لما شاهَده الشحَّاذون الذي يَلجئُون إلى الرواق للمَبيت فيه ليلًا؛ حيث شاهدوا شخصًا آخَر يُلقِّبونه ﺑ «الأبله»، يهرب من الرواق في تلك الليلة مُخلِّفًا وراءه «سونرينتي» قتيلًا. ولكنَّ استبدادَ الشرطة المدعومة من الحاكم دفَعهم للإذعان لقرارها والاعتراف زُورًا باضطلاعِ الجنرال والمحامي في جريمة القتل، ما عدا شحاذًا واحدًا يُدعى «ذبابة» أصرَّ على أن القاتل هو «الأبله»، فقُتِل رميًا بالرَّصاص، وأُلقِيت جثته في القُمامة. والسؤال الآن هل ستَظهر الحقيقة، أم ستَستمرُّ حياةُ البؤس، وعتمةُ السجون، ورائحةُ الموت، وغيابُ العدالة؟
ميغل أنخل أستورياس: هو أحدُ أشهر أُدباء غواتيمالا، واشتُهر برواياته الاستثنائية التي تناولت موضوع الاستبداد السياسي. وُلد «ميغل أنخل أستورياس» في ١٩ أكتوبر عام ١٨٩٩م في مدينة غواتيمالا، بأمريكا اللاتينية. أُبعِد والدُه القاضي «إرنستو أستورياس» بعد إصدار حُكم بالإفراج عن بعض الطلبة المعتقلين؛ مما اضطره إلى ترك مدينة غواتيمالا إلى مَسقَط رأس العائلة حيث مزرعةُ جده، وهناك تأثَّر «ميغل أنخل» وهو في التاسعة من عُمره بمُربِّيته التي أَطلعَته على عادات السكان الأصليين والأساطير والحكايات الشعبية لهذه المقاطعة. بدأ «ميغل أنخل» الكتابة وهو في سنٍّ صغيرة؛ حيث أَخرج أُولى قصصه وهو لم يتجاوز العاشرة، وكانت نواةً لإحدى رواياته. شارك «ميغل أنخل» في شبابه في انتفاضةٍ ضد الديكتاتور «مانويل إسترادا كابريرا»، حيث كان طالبًا بالمعهد الوطني للفتيان، ثم الْتَحق بعده بكلية الطب، لكنه لم يُكمِل عامه الأول حتى اتخذ قراره بالانتقال إلى كلية الحقوق لدراسة القانون، وحصل على شهادته الجامعية عام ١٩٢٣م من جامعة «سان كارلوس دي غواتيمالا»، بجانب وسام «بريميو فالا» كأفضل طالبٍ في الكلية. وأمضى «ميغل أنخل» جزءًا كبيرًا من حياته في معارضة الديكتاتورية والاستبداد السياسي بكل أنواعه؛ مما عرَّضه للنفي خارج البلاد؛ وهو ما أدَّى إلى حصوله على مزيدٍ من الشهرة؛ حيث كان أول من يَستخدم علم اللغة والأنثروبولوجيا في الأدب والكتابة الإبداعية. حصل «ميغل أنخل» على العديد من الجوائز والتكريمات، من أهمها جائزة نوبل في الأدب عام ١٩٦٧م، وجائزة الاتحاد السوفييتي للسلام عام ١٩٦٦م. تُوفِّي «ميغل أنخل» عام ١٩٧٤م في مدينة مدريد.