«لمسَت تلك السماءُ المتَّشِحة باللون الأبيض قلبَ ستسكو. إنه لَشيءٌ مرعب أن تكون هذه الدرجةُ من الخداع ممكنةً تحت هذا الشكل من الوفاء. أحسَّت ستسكو بالرعب أمام زوجها الغارق في النوم. ولكن تلك السماء البيضاء لهذا الفجر الشتوي تعطي إحساسًا بالعُقر؛ لذا آمنَت ستسكو أن تلك الليلة المدنَّسة لن تُسفِر عن أي ثمار.»تدور هذه الرواية حول امرأةٍ تُدعى «ستسكو»، تنتمي إلى طبقةٍ أرستقراطية، وهي متزوِّجة ولديها طفل، لكنها تعاني من فراغٍ عاطفي؛ فتعود بذاكرتها بحثًا عن الحب الذي تفتقده الآن، وتستذكر تلك القُبلة التي تبادَلتها مع شابٍّ يُدعى «تسوتشيا»، عرفَته منذ تسع سنوات وظلَّت تلقاه بعد زواجها وإنجابها، ولكنها كانت لقاءاتٍ عابرةً وسطحية. أمَّا الآن، مع حالة الفراغ التي تعانيها، فتستجيب لطلبه وتلتقي به في لقاءٍ خاص، لتقع في حبه، وتدخل في حوارٍ نفسي مع ذاتها حول إحساسها بالذنب، وفي أثناء ذلك تشعر بحَملٍ جديد تعيش معه حالة مختلفة، لتبدأ مرحلة جديدة من المغامَرة تكتشف من خلالها مناطقَ في ذاتها لم تكتشفها من قبل!
يوكيو ميشيما: أحدُ أشهر أدباء اليابان، رُشِّح لجائزة نوبل ثلاثَ مرات، وانتحر بطريقةِ الساموراي المروِّعة. وُلد «يوكيو ميشيما» عام ١٩٢٥م في إحدى زوايا حي يوتسويا في طوكيو، تَعلَّم في مدرسة غاكوشوئين المُخصَّصة لأطفال العائلات النبيلة، ثم التَحق بكلية الحقوق عام ١٩٤٤م في جامعة طوكيو، وبعد تخرُّجه بدأ حياته العملية موظفًا في وزارة الخزانة، لكنه تخلَّى عن وظيفته بعد تسعةِ أشهرٍ فقط؛ ليَتفرَّغ بعدها للكتابة وتحقيقِ حُلمه بأن يُصبِح كاتبًا. بدأ الكتابة في سنٍّ مبكِّرة؛ فقد كانت قراءةُ قصص الأطفال والكتب المُصوَّرة هي الملاذ الذي يَهرب إليه في طفولته، التي قضى جزءًا كبيرًا منها في المستشفى بسبب حالته الصحية السيئة. وفي داخل المستشفى أطلق «ميشيما» لخياله العِنانَ ليكتب أولى قصصه في سِن العاشرة، وهي قصة «عجائب العالَم»، وفي سن السادسة عشرة نشَر روايته الأولى «غابة الزهور» عام ١٩٤٤م، لتتوالى بعدها أعمالُه الروائية والقصصية التي تُرجِمت إلى مختلِف لغات العالم، والتي كانت سببًا في ترشُّحه لجائزة نوبل ثلاثَ مرات، ومن أبرزها رواية «اعترافات قناع» ١٩٤٩م، و«ألوان محرَّمة» ١٩٥٣م، و«صوت الأمواج» ١٩٥٤م، و«شبكة حب بائع سمك السردين» ١٩٥٤م، و«مجموعة في النو الحديث» ١٩٥٦م؛ وهي عبارة عن مسرحيات حديثة لفن النو (فن تقليدي في اليابان)، و«المعبد الذهبي» ١٩٥٦م، و«منزل كيوكو» ١٩٥٩م، وأخيرًا رباعيته «بحر الخصوبة» التي عبَّر فيها عن فلسفته للحياة، والتي بدأ في كتابة أجزائها ونشرها بدايةً من عام ١٩٦٥م وحتى عام ١٩٧٠م؛ إذ سَلَّم النصَّ النهائي للجزء الأخير منها إلى المحرِّر قُبيل انتحاره لتُنشَر عام ١٩٧١م بعد انتحاره مُباشَرة. كانت حادثة انتحار «يوكيو ميشيما» من أكثر حوادث الانتحار شُهرةً في العالم بأسره بسبب الظروف التي انتحر فيها، وطريقة الانتحار؛ ففي ٢٥ نوفمبر ١٩٧٠م توجَّه «ميشيما» برفقةِ مجموعةٍ من أصدقائه ورجاله اليمينيِّين في زِيِّهم العسكري إلى قاعدة للجيش في طوكيو، واختطَف القائد وأمَره بأن يَجمع الجنود، في مُحاوَلة لانقلابٍ عسكري، فدعا الجنودَ للتمرُّد على الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة والدستور، لكنَّ هُتافات السُّخرية والاستهزاء طَغَت على صوته، فانسحب «ميشيما» إلى الداخل وجثا على ركبتَيه وانتحر على طريقة «الساموراي» ببَقْر بطنه، لتنتهي حياة أهم أدباء اليابان في القرن العشرين عن عمرٍ يناهز ٤٥ عامًا.