«كان فرسانُ الملِك جماعةً من الرجال البواسِل المستهترين غير المهذَّبين تمامًا، وعلى استعدادٍ لمواجَهة أي شخص، فيما عدا رئيسهم السيد دي تريفي. كانوا يُشاهَدون في كل مكان يضحكون ويتكلمون بأصواتٍ صاخبة، ويَفتلون شواربهم، ويَصِلُّون بسيوفهم. وفوق كل شيء، كان يَحلو لهم أكثرَ من أي شيءٍ آخَر أن يتحرَّشوا بحرَس الكاردينال، حين يَلتقونهم بمحض الصُّدفة.»شَهِدت فرنسا في عهد الملك «لويس الثالث عشر» خلال القرن السابع عشر صراعًا بين السيد «دي تريفي» قائد الحرس الملكي وأوفى رجال الملِك، وبين رئيس الوزراء الكاردينال «ريشلييه» الذي كان يسعى إلى الانقلاب على الملِك والاستيلاء على العرش. وكان للسيد «دي تريفي» فرسانٌ ثلاثة، هم «آثوس» و«بورثوس» و«أراميس»، اتَّسموا بالشجاعة والقوة والوفاء الشديد لسيدهم، وكانوا خيرَ عونٍ له في صراعه مع الكاردينال، وفي أثناء هذا الصراع بزَغ نَجمُ فارسٍ آخَر هو «دارتانيان»، كان قد وصل لتوه إلى باريس قاصدًا السيد «دي تريفي»، بهدف الانضمام إلى رجاله، وبمجرد وصوله ينضمُّ إلى الفرسان الثلاثة لتبدأ مرحلةٌ جديدة في الصراع، نجومُها هؤلاء الفرسان الأربعة.
ألكسندر ديماس: رِوائيٌّ فرنسيٌّ شَهير، ذاعَ صِيتُه في القرنِ التاسعَ عشرَ الميلاديِّ من خلالِ ما قدَّمَه من مَسْرحياتٍ ورواياتٍ خالدةٍ حافلةٍ بالمغامرة، تُرجِمَت إلى نحوِ مائةِ لغة، ووجدت فيها السينما العالميةُ مادةً ثريةً لمئاتِ الأفلامِ عبرَ قرنَيْنِ مِنَ الزمان. وُلِدَ «دوما ديفي دي لا بيليتيرا» المعروفُ ﺑ «ألكسندر ديماس» — ويُنطَقُ أيضًا «دوما» أو «دوماس» — في قريةٍ فَرنسيةٍ تقعُ شمالَ شرقيِّ باريس، وكانَ والدُه مختلطَ العِرْق؛ من أبٍ فَرنسيٍّ نبيل، وأمٍّ مِنَ الرَّقِيقِ يَنحدرُ أصلُها من منطقةِ الكاريبي. بينما كانَ ديماس في الرابعةِ من عُمرِه تُوفِّيَ والدُه من جرَّاءِ إصابتِه بالسرطانِ تاركًا الأسرةَ رهينةً للفقر، فلمْ يُهيَّأْ له حظٌّ وافرٌ من التعليم، لكنَّ نهَمَه بالقراءةِ وحكاياتِ أمِّه التي حكَتْها له عن شَجاعةِ أبِيه خلالَ الحملاتِ والحروبِ وسَّعَت مَدارِكَه وألهبَتْ خيالَه. انتقلَ ديماس إلى باريس عامَ ١٨٢٢م، وساعدَتْه أصولُه الأرستقراطيةُ على شَغْلِ وظيفةٍ في القصرِ المَلَكي، وبدأَ في تلك الأثناءِ بكتابةِ مَقالاتِه ومَسْرحياتِه. عُرِضَت مسرحيتُه الأولى «هنري الثالث وبَلاطه» عامَ ١٨٢٩م ولاقَتْ نجاحًا مدويًا، وفي العامِ التالي حقَّقَت مسرحيتُه «كريستين» نجاحًا مماثِلًا أعانَه على التفرُّغِ للكتابة. وفي عامِ ١٨٤٠م كتَبَ روايتَهُ الشهيرةَ «الرجل ذو القناع الحديدي»، التي أثارَتْ غضبَ القيصرِ الروسيِّ آنَذاك لتناوُلِها أوضاعًا حسَّاسةً في روسيا. وفي الفترةِ من ١٨٣٩م إلى ١٨٤١م أعادَ كتابةَ إحدى مَسْرحياتِه في سلسلةٍ قصصيةٍ تحتَ عنوانِ «الكابتن بول» نُشِرَت بإحدى الصُّحف. أَثْرى ديماس إثراءً كبيرًا مع تحقيقِ مؤلَّفاتِه شهرةٍ بالغة، لكنَّ إسرافَه وضَعَه على شَفا الإفلاسِ مراتٍ عِدَّة، حتى إنه فرَّ من دائنيه عامَ ١٨٥١م إلى بلجيكا، ومنها إلى رُوسيا التي أقامَ فيها عامَيْن، وحظِيَت أعمالُه هناك بشعبيَّةٍ كبيرةٍ في ظلِّ كوْنِ الفَرَنسيةِ لغةً ثانيةً للبلاد. ثم انتقلَ إلى إيطاليا عامَ ١٨٦١م حيثُ مكَثَ فيها ثلاثَ سَنوات، ونشَرَ كُتبًا عن تلك الرِّحلةِ بعدَ عودتِه إلى باريس. تُوفِّيَ ألكسندر ديماس بفرنسا عامَ ١٨٧٠م مُخلِّفًا وراءَه إرثًا ثمينًا مِنَ القصصِ المَلْحميَّةِ ذاتِ الطابعِ التاريخيِّ المليءِ بالإثارةِ والمغامرة، أشهرُها: «الفُرْسان الثلاثة»، «بعدَ عشرين عامًا»، «المَلِكة مارجو»، «الحرَّاس الخمسة والأربعون»، «قائد الذئاب»، «شَقاء الغَرام» … وغيرُها.