«البحر كلُّ شيء، البدء والمنتهى، الجو الطيَّاب والنوَّة والحياة والموت والرزق والصبر واليأس والخوف والتحدي ولقمة العيش ومداومة التطلع إلى الأفق.»بأسلوبٍ روائيٍّ رائع ومميز، يرسم لنا «محمد جبريل» صورةً بانوراميةً عن حياة «بحري»؛ تلك المنطقة التي تقع بين سراي رأس التين وميدان المنشية بمدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط، وذلك منذ بدايات القرن العشرين حتى وقتنا الراهن، فيتجول في ربوعِ شوارعِها وأمكنتِها، يتعرَّف على أهلها وحياتهم ويستمع إلى أخبارهم، فأتى إلينا بقصصٍ كثيرة؛ فيروي لنا مثلًا قصةَ «الأبجر»، ذلك الشاب الذي عاش طوال حياته ظالمًا ومؤذِيًا لكلِّ مَن حوله من أُناس، وكيف تبدَّلت أحوالُه إلى الشعور بالندم والتوبة ورجاء العفو من الله؛ وقصة الشيخ «شفيع عبد الصبور» أو «ابن خطاب» كما كان مُلقَّبًا، ذلك الإمام الورع المتدين، والذي ستتغير حياتُه من عزلته في زاوية المسجد وتفرُّغه للعبادة إلى وقوعه حبيسًا في زنزانة الشرطة؛ وغيرها من القصص والوقائع والأحداث الاجتماعية والتاريخية التي يزخر بها هذا الكتاب.
محمد جبريل: كاتب وروائي وصحفي مصري، ويُعَد أحدَ أبرز الروائيين المعاصِرين؛ حيث أثبَت في أعماله الأدبية كفاءةً عالية في السرد القصصي والروائي، ولاقَت أعماله استحسانًا كبيرًا لدى الأدباء والنقاد والقرَّاء في مصر وخارجها. وُلد في عام ١٩٣٨م بمحافظة الإسكندرية، عمل أولًا في الصحافة، حيث بدأت مسيرته التحريرية في القسم الأدبي بجريدة «الجمهورية» عامَ ١٩٦٠م، ثم انتقل إلى جريدة «المساء»، ثم أصبح مديرًا لتحرير مجلة «الإصلاح الاجتماعي» التي كانت تصدر شهريًّا، كما عُيِّن خبيرًا بالمركز العربي للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير في عام ١٩٧٤م، وعُيِّن مديرًا لتحرير جريدة «الوطن» العمانية في عام ١٩٧٦م، فضلًا عن عضويته في اتحاد الكُتَّاب المصريين، وجمعية الأدباء، ونادي القصة، ونقابة الصحفيين المصريين، واتحاد الصحفيين العرب. إلى جانب عمله الصحفي الذي تميَّز به، كان شَغُوفًا بالعمل الأدبي أيضًا؛ حيث ألَّف العشرات من المجموعات القصصية والروايات التي اتَّسمَت بطابعها التاريخي والسردي والتراثي، وتُرجِم بعضها إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والماليزية، وكانت له مشارَكات فعَّالة في عددٍ من الندوات والمؤتمرات والمهرجانات الثقافية، داخل مصر وخارجها، ونالت بعض أعماله شهاداتٍ وجوائزَ تقديريةً مرموقة، فحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام ١٩٧٥م، ونال وِسامَ العلوم والفنون والآداب من الطبقة الأولى عام ١٩٧٦م، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية عام ٢٠٢٠. ومن أعماله الأدبية البارزة: «تلك اللحظة»، و«الأسوار»، و«هل»، و«قاضي البهار ينزل البحر»، و«اعترافات سيد القرية»، و«زهرة الصباح»، و«الشاطئ الآخَر»، و«برج الأسرار»، و«حارة اليهود»، و«البحر أمامها»، و«مصر في قصص كُتَّابها المعاصِرين»، و«كوب شاي بحليب»، وغير ذلك الكثير، فضلًا عن المقالات والدراسات الأدبية والسِّيَر الذاتية.