«كانت جولتي هذا العام في ربوع الشرق الأدنى، تلك الأقطار التي تربطنا بها روابطُ وثَّقتها أواصرُ التاريخ والاجتماع والدِّين، وزادتها رسوخًا صلةُ رحِمٍ قديمة وإخلاص عميق وعطف متبادل تُذكي نارَه رغبةٌ مشتركة في النهوض، وطُموحٌ متأجِّج للخلاص بأوطان مهدَّدة ظلت — ولا تزال — تئِنُّ تحت أخطاء أبنائها ونَهَم الطامعين فيها.»يعرض لنا الكاتب في هذا المُؤلَّف مشاهداتِه السياحيةَ في ربوع بلدان الشرق الأدنى؛ فالكِتاب أشبه بمعجمٍ سياحي يستهلُّه الكاتب بتقديمِ نُبذةٍ تاريخية عن كل بلدة من البلدان التي زارها؛ موضِّحًا أهميتَها التاريخية، وطبيعتها الجغرافية، وأهمَّ مُدنها، وأروع المناظر الجمالية التي خلَبَت لُبَّه، فضلًا عن كلِّ ما يتعلَّق بالعادات والتقاليد والموروثات الدينية والعقدية لهذه البلدان، وأشهر معالمها الأثرية، وأهم مساجدها التاريخية التي تجسِّد رسوخَ الموروثات العقدية لدى شعوبها. كما ضمَّن الكاتب في ثنايا هذا الكتاب بعضَ النوادر والطرائف التي حدثت له في بعض البلدان التي زارها، وكأنه يبرهن من خلال هذا الكتاب على أنَّ نِصف جمال الدُّنيا يُرى بالبصر، ونصفه الآخَر يُرى بالبصيرة، وأن العظمة الكامنة في كلِّ رحلةٍ خاضها تكمُن في اكتشافِ أرضٍ جديدة أطلعنا على جمالها وطبائع أهلها.
محمد ثابت: رحَّالة مِصرِي، يعشق السفر والرحلات، ومُلهَم بالجغرافيا، اشتغل بالتعليم في بعض المدارس الثانوية بمصر، وعُيِّن مُراقبًا للنشاط الاجتماعي في وزارة التربية والتعليم، ودرَّس العلوم الاجتماعية في إحدى الكليات. اعتاد محمد ثابت أن يقوم برحلة كبيرة في صيف كل سنة، يُدوِّن فيها مشاهداته في البلاد التي يرتحل إليها، وأكثر كُتبه كانت في أدب الرحلات، ومن أمثلتها: «جولة في ربوع أستراليا»، و«جولة في ربوع الشرق الأدنى»، و«رحلاتي في مشارق الأرض ومغاربها»، و«جولة في ربوع آسيا». وقد تُوفِّي ثابت سنة ١٩٥٨م، على أثر إصابته بنزيفٍ في المُخ.