«هذا الكتاب يتضمَّن ملاحظات شخصية وأفكارًا وذكريات واستطرادات قمتُ بتدوينها أثناء الرحلة، وهو لا يدَّعي بأية حالٍ تقديمَ جديدٍ عن لبنان أو منطقة الشرق الأوسط.»يَزعم الأديب الألماني «ميشائيل كليبرغ» أن كتابه لا يقدِّم جديدًا عن لبنان، ولكن أليست النظرةُ المتأنية والفاحصة للأشخاص والأحداث والأماكن تمنح الكتابة بُعدًا جديدًا يرتكز على تفاصيلَ تَغيب عن أعيُننا في خِضمِّ الحياة؟ هذا ما فعله «كليبرغ» في أثناء زيارته للبنان عام ٢٠٠٣م، التي استغرقت أربعةَ أسابيع ضِمن بَرنامج «ديوان الشرق والغرب» الذي ينظِّمه «معهد جوته»، في إطار تلاقي الثقافتَين الشرقية والغربية. نزل «كليبرغ» ضيفًا عند الكاتب اللبناني «عباس بيضون»، وهذا الكتاب هو ثمرة تلك الزيارة، وهو بمثابة صورة ذهنية لكاتب ألماني مُحمَّل بثقافةٍ مغايِرة لا تخلو من صورة نمطية عن الآخَر القادم إليه، تُعيد اكتشافَ الذات والآخَر عبر مِرآة الأدب، وتغلب عليها القوة والجمال.
ميشائيل كليبرغ: روائيٌّ وشاعر ومترجِم ألماني شهير، نال العديدَ من الجوائز الأدبية القيِّمة، وتُرجِمت أعماله إلى لغاتٍ عديدة، مثل: الألبانية، والعربية، والدنماركية، والإنجليزية، والفرنسية، واليونانية، واليابانية، والإسبانية. وُلد عام ١٩٥٩م في مدينة شتوتغارت في جنوب ألمانيا، تخصَّص في دراسة العلوم السياسية والتاريخ في جامعة هامبورج، واشتغل عاملًا في ميناء هامبورج بين عامَي ١٩٧٨م و١٩٨٤م، ثم مساعدَ تمريضٍ في مستشفى ميناء سانت باولي، وأخيرًا امتهن الصحافة. انتقل بين عامَي ١٩٨٣ و١٩٨٦م بين عددٍ من الدول؛ فانتقل أولًا إلى روما وظلَّ بها شهورًا، ثم سافر إلى برلين، ثم أمستردام، وأخيرًا إلى باريس حيث عمل بها كاتبًا وشريكًا في وكالة الإعلانات الفرنسية الألمانية، واستمر في عمله إلى عام ١٩٩٤م، ثم رحل عام ١٩٩٦م إلى بورجوندي، وعمل بها كاتبًا مستقلًّا، وظل بها أربعة أعوام، انتقل بعدها للعيش في برلين وما زال مقيمًا بها إلى الآن. وخلال هذه السنوات سافَر إلى الشرق الأوسط، وأمضى فتراتٍ طويلة في لبنان وسوريا ومصر. شارَك في مشروع الديوان الشرقي الغربي في عام ٢٠٠٢م، كما قدَّمَ العديد من المحاضرات الشعرية، لكنه أدلى خلالها ببعض التصريحات التي تحمل انتقادًا شديدًا للإسلام، وهو ما أثار جدلًا واسعًا. ومن مؤلَّفاته الروائية: «الحافي»، و«ملك كورسيكا»، و«المستشفى الأمريكي»؛ هذا فضلًا عن كتابَيه: «حديقة في الشمال»، و«الحيوان الباكي»؛ أمَّا ترجماته فنذكر منها: «الظلام»، و«طريق مافكينج»، و«لصوص الجمال»، و«مسار الشمس».