««هيبنوسيس وسيلةٌ لوضعك في حالة ذهنية مسترخية، إنها تساعد على التداعي الحر للأفكار والذكريات القديمة في وَعْيك، يشبه الأمر حالةَ ما قبل النوم، عندما يسترخي جسدُك ويصفو عقلُك من الأفكار.» قال في هدوء: «تريد أن تنوِّمَني مغناطيسيًّا؟» – «ليس تمامًا، فقط أريد مساعدتَك على التذكُّر».» يروي لنا «مهند رحمه» بأسلوبٍ رائع قصةَ «عمار»؛ وهو شاب سوداني جامعي، يعيش في سكنٍ مع صديقه المُقرَّب، كان هادئًا، قانعًا بمعيشته، متدينًا بطبعه، لكن كان يُراوِده دائمًا حُلم سيئ، وتصيبه نوباتُ ذعرٍ لمراتٍ دونَ أن يدرك السبب، فيُقرِّر زيارةَ الطبيب النفسي «جمال عبد الرحمن»، فيُخضِعه لجلسةِ تنويمٍ مغناطيسي، وهنا تأتي اللحظة التي يتذكَّر فيها كلَّ شيء، يتذكَّر ماضيَه القاسي والمؤلم، ومن اللحظة تلك تتبدَّل أحواله ليصبح شخصًا ثائرًا متمردًا حانقًا، خاصةً على أحوال بلاده التي كانت تَمُوج في بحر من الظلم والقهر. لم يتقبَّل «عمار» واقعَ مجتمعه الأليم مثل الباقين، فرفع رايةَ الثورة وناضَل ببسالةٍ إلى أن وصل إلى محطته الأخيرة بالحياة، وفارَقت الروحُ جسدَه المُعذَّب، فغادَر آمالَه وفَتاتَه التي أحبها بجنونٍ كحُبِّه لوالدته. لكن، تُرى ما الماضي الذي تذكَّرَه وبدَّلَ أحواله هكذا؟
مهند رحمه: كاتبٌ شابٌّ سوداني، كَتب عنه الناقد والصحفي السوداني «صديق الحلو» قائلًا: «كتب مهند رحمه الحاضرَ بكل نتوءاته، والواقعَ الشائه لأناس مجرَّدين من الإنسانية. ولج مهند رحمه آفاقًا جديدة، واهتمَّ بالشكل والمضمون في رواية باذخة حد الثمالة.» وُلد في عام ١٩٨٨م بحي «بيت المال» بمدينة «أم درمان» بالسودان، والتحق بمدارس الحي الذي نشأ فيه، وحصل على شهادتَي المرحلتَين الأساسية والثانوية، ثم انتقل بعد ذلك إلى الخرطوم؛ حيث أكمل دراسته بجامعة السودان، وهو حاليًّا يعيش في المهجر العربي بدولة الإمارات العربية المتحدة. أمَّا عن كتاباته، فقد تأثَّر «مهند رحمه» كثيرًا بكتابات الكاتب المصري الراحل الدكتور «أحمد خالد توفيق»؛ حيث اعتبره بمثابة الأب الروحي بشكلٍ عام، وقُدوته في عالم الأدب بشكلٍ خاص، كما صرَّح بهذا في إهداء إحدى رواياته. أمَّا عن مؤلَّفاته المنشورة، فله روايتان منشورتان؛ أُولاهما رواية «هيبنوسيس» التي نُشِرت في عام ٢٠١٨م، والثانية رواية «فطومة» التي نُشِرت في عام ٢٠١٩م، وقد اتجه «مهند رحمه» في كتاباته إلى السير النفسي وتحليل تأثير الأحداث على الشخصيات، وكذلك مناقشة قضايا عامة.