الشعر مرآة صادقة يُعبر عما يجول في ذات الشاعر وما يخالجه من مشاعر. ولكن بمرور الزمن تحول الشعر إلى مجرد صنعة، ووضعوا لها القيود التي تحكم الصنائع؛ فخرج الشعر عن الدور المنوط به. ودخل عدد من الشعراء في معارك حول نظريات وضعوها ليضيقوا على أنفسهم، وكثرت المدارس الشعرية التي حشدت المؤيدين وتبادلت الاتهامات مع مخالفيها. فراحَ «إلياس أبو شبكة» يحاول أن ينأى بنفسه عن تلك الصراعات — وإن لم ينجح تمامًا — مؤكدًا أن الشعر يجب أن يتحرر من كل ذلك. ويتميز هذا الديوان بأن قصائده كُتبت في فترات زمنية مختلفة، وكذا بتنوع موضوعاته؛ حيث راح الشاعر يقتطف من ثمرات القصيد ما يروي به ظمأ المتعطِّشين لحلاوة الشعر.
إلياس أبو شبكة: شاعِرٌ وأَدِيبٌ لبنانِي، أسَّسَ «عُصْبةَ العَشَرةَ» الأَدَبيَّةَ الَّتي ضَمَّتْ عَددًا مِنَ الكُتَّابِ والأُدَباءِ اللبنانيِّينَ الَّذِينَ ثَارُوا عَلى الأَسالِيبِ القَدِيمةِ للأَدَب، وعَمِلُوا عَلى كسْرِ الجُمودِ الفِكْريِّ الَّذِي كانَ فِي الحَياةِ الثَّقافِيَّةِ العَرَبيَّة. اتَّسمَتْ قَصائِدُه بالوَاقِعيَّةِ والنُّضْج، وأَحْدثَ دِيوانُه الشَّهِيرُ «أَفاعِي الفِرْدَوْس» ضَجَّةً فِي الأَوْساطِ الثَّقافيَّةِ العَرَبيَّة؛ إذْ رسَمَ بمَهارةٍ فَنيَّةٍ عالِيةٍ لَوْحاتٍ نابِضةً بالحَياةِ عَكسَتْ حالَتَه النَّفْسيَّةَ الثائِرةَ مُستخدِمًا تَراكِيبَ لُغَويَّةً مُبتكَرةً وصُوَرًا خَياليَّةً جَدِيدة. تُوفِّيَ إلياس أبو شبكة فِي عامِ ١٩٤٧م.