«ما هذا الزمان الذي أصبحَت فيه القذارة هي مظهر الأناقة، والصعلكة هي التطور، والملابس الممزَّقة هي مجاراة العصر، ومظهر إشراقه وجماله؟ لقد تمزَّق العصر وظهر تمزُّقه على الملابس، وأصبحَت القيم هي الأخرى جرباء فأصبح الملبس أجرب.»في هذا الكتاب يستعرض الكاتب الكبير «ثروت أباظة» جوانب الفساد التي طالت كل جوانب الحياة في مصر في ثمانينيات القرن الماضي، وجعلَت من زمننا «زمنًا مُمزَّقًا»؛ ففي كل مقال من هذه المقالات المُتفرِّقة التي تربو على الخمسين، يغوص «أباظة» ليصل إلى عمق الفساد الذي طال — من بين ما طال — السياسة والاقتصاد والثقافة والقِيَم الاجتماعية والدينية؛ فيهاجم الاستبداد، و«الموضة» الزائفة، والانفلات باسم الحرية، والشيوعية الملحدة، والفساد المالي، والاعتداء على القِيَم باسم الديمقراطية، وكذلك يَعرض لجوانب الفساد التي طالت الذوق الأدبي في القصة والرواية واللغة، وغير ذلك الكثير. وتتميَّز المقالات بقِصَرها وسلاسة لُغتها وعُمق طرحها في آنٍ واحد.
ثروت أباظة: روائيٌّ وكاتبٌ مصريٌّ مرموق، عُرِفَ بحِسِّه الوَطَني، ويَنتسبُ إلى عائلةٍ مصريةٍ عريقةٍ هي عائلةُ أباظة، وهو ابنُ السياسيِّ المصريِّ إبراهيم دسوقي أباظة. وُلِدَ «محمد ثروت إبراهيم دسوقي أباظة» بالقاهرةِ عامَ ١٩٢٧م. حصلَ على ليسانس الحقوقِ من جامعةِ فؤادٍ الأولِ عامَ ١٩٥٠م. كانتْ بدايةُ حُبِّه للقِراءةِ عندما أهداهُ والِدُه مجموعةً من مُؤلَّفاتِ الكاتبِ المصريِّ «كامل كيلاني»، ثُمَّ قرَأَ تِباعًا أعمالَ طه حُسَين، وتَوْفيق الحَكِيم، وعبَّاس العقَّاد، وأحمد شَوْقي. تعدَّدَ إنتاجُ ثروت أباظة الأدبيُّ وتنوَّعَ ليشملَ الروايةَ والقصةَ القصيرةَ والمَسْرحيَّة، إضافةً إلى ترجمتِه أكثرَ من عملٍ، وكتابةِ عدةِ بحوثٍ أدبيَّة. ارتبطَ بعَلاقاتٍ وثيقةٍ مع كُتَّابِ وأدباءِ مصرَ الكِبار؛ فقدْ قدَّمَ له عميدُ الأدبِ العربيِّ طه حُسَين روايته «هارِب من الأيام»، وأَثْنى عليهِ نجيب محفوظ حينَ قالَ عنه: إنَّ دورَهُ في الروايةِ الطويلةِ يحتاجُ إلى بحثٍ مُطوَّلٍ بعيدًا عَنِ المَذاهبِ السياسيَّة، وقالَ توفيق الحكيم له ذاتَ مرةٍ: أنا مُعجَبٌ برِواياتِكَ في الإذاعة، لدرجةِ أنَّني حينَ أقرأُ في البَرْنامجِ أنَّ لكَ رِوايةً أمكثُ في البيتِ ولا أخرُج. أثارتْ رِوايتُه «شيء من الخوف» جدَلًا واسعًا لقولِ بعضِ المقرَّبِينَ مِنَ الرئيسِ المِصريِّ الراحلِ جمال عبد الناصر إنَّها تَحملُ رمزيةً لفترةِ حُكمِه. تَقلَّدَ ثروت أباظة عدَّةَ مَناصبَ رسميةٍ من أهمِّها: رئيسُ تحريرِ مجلةِ الإذاعةِ والتلفزيونِ عامَ ١٩٧٥م، ورئيسُ اتحادِ كتَّابِ مصر، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزةُ الدولةِ التشجيعيَّة عامَ ١٩٥٨م، ووِسامُ العلومِ والفنونِ من الطبقة الأولى، وفي عامِ ١٩٨٣م حصلَ على جائزةِ الدولةِ التقديريةِ عن مُجمَلِ أعمالِه. تُوفِّيَ ثروت أباظة عامَ ٢٠٠٢م.