أدرك المثقفُ الفلسطيني مبكرًا المطامعَ الاستعمارية المُتربِّصة بوطنه، والطامعة في أرضه، وتأكَّدت شكوكه في سُوء نوايا الغرب بصدور «وعد بلفور» المشئوم؛ فأخذ يوقظ الروحَ الوطنية في صدور شعب فلسطين، داعيًا أبناءه إلى الاتحاد ونبذ الخلاف والاجتماع على كلمةٍ سواء؛ فتربيةُ الوعي وتزكية الروح الوطنية تسبقان شحذ السيوف وحشد الكتائب. والشاعر الشيخ «أبو الإقبال اليعقوبي» هو أحد هؤلاء المثقفين الواعين الذين دافعوا من خلال أعمالهم عن قضايا أُمتهم، ونطالع في هذا الديوان «نظراته» المُحبة لوطنه وشعبه الكريم، الذي طُبع على طلب المجد وحُب الجهاد ولم يرضَ الدَّنِية قطُّ في حُريته.
أبو الإقبال اليعقوبي: أديبٌ وشاعرٌ فلسطيني. وُلِد «سليم حسن اليعقوبي» في مدينة «اللد» الفلسطينية في عام ١٨٨٠م، وتلقَّى العلم أولًا على يد أبيه الشيخ «حسن اليعقوبي»، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بمدينته، وبعد تخرُّجه فيها سافر إلى القاهرة ليدرس العلومَ الشرعية واللغة العربية بالأزهر الشريف حيث قضى فيه حوالي اثني عشر عامًا، وعاد بعدها إلى فلسطين عام ١٩٠٤م. عمِل «اليعقوبي» مُدرسًا للعلوم الشرعية والأدب في سوريا، ثم مُدرسًا بمسجد مدينة يافا، ثم مُفتيًا لها في عام ١٩٣٢م، كما تقلَّد العديد من الوظائف الحكومية بفلسطين، كان آخِرها إمامة مسجد «حسن بك». كان «اليعقوبي» دائم الهجوم على سُلطة الاحتلال البريطاني في مقالاته وأشعاره، مندِّدًا باستباحة أرض فلسطين وتسهيل الهجرة الصهيونية؛ فنُفِي فترةً إلى الإسكندرية لإسكاته. له ديوانان شهيران، هما: «حسنات اليراع» و«النظرات السبع»، ويُعَد ديوانه الأخير إحدى النقلات الناضجة في الشعر الفلسطيني؛ حيث تحرَّر فيه من الجمود الفكري والأدبي السائد. وبالإضافة إلى إنتاجه الشعري، كان له إنتاجٌ ديني قيِّم، مثل كتبه: «حكمة الإسلام»، و«حسان بن ثابت»، و«المنهج الرفيع في المعاني والبيان والبديع»، وغير ذلك. تُوفِّي «اليعقوبي» أثناء أدائه فريضةَ الحج في عام ١٩٤٦م، ودُفن بالسعودية.