«في هذا الكتاب محاوَلةٌ لدراسة ميدان لم يُطرَق من قبلُ على نطاقٍ واسع، وهو العلاقة بين آراء الفلاسفة وتطوُّر الموسيقى على مر العصور؛ ذلك لأن من المألوف أن نجد دراساتٍ تُكتَب عن فلسفة الموسيقى، أو عن آراءِ فلاسفةٍ معيَّنين أو مدارسَ فلسفية خاصة في الموسيقى، أمَّا تأثيرُ الفلسفة ذاتها في مجرى الموسيقى، فهو موضوعٌ لم يُكتَب فيه الكثير من قبل.»للموسيقى تأثيرٌ كبير على الحالة النفسية والأخلاقية للإنسان؛ ولذا فقد أَولاها الفلاسفة عنايةً خاصة، فراحوا يَدرُسون هذا الفنَّ من حيث طبيعته، وتأثيره، وعلاقته بقوانين الطبيعة، وأصبح لآرائهم تأثيرٌ كبير على تطوُّره. يُقدِّم هذا الكتابُ عرضًا تاريخيًّا لهذه الآراء ولأصول التفكير الجمالي في الموسيقى، الذي تَرجِع جذوره إلى الفيلسوف اليوناني «أفلاطون»، الذي أرسى الرؤيةَ الفلسفية للموسيقى باعتبارها قوةً هائلة يستطيع الإنسان أن يستغلَّها في الخير والشر على السواء، ويمتدُّ نفعُها أو ضرَرُها حتى يشمل المجتمع بأَسْره، فَضلًا عن أن الموسيقى المصحوبة بالكلمات والشعر أكثرُ نفعًا وتأثيرًا من الموسيقى الخالصة. ولقد تحكَّمَت هذه الرؤية في موقف الفلاسفة من الموسيقى طَوالَ عصور الحضارة الغربية، وظلَّ هذا التأثيرُ حتى بدايات القرن التاسع عشر؛ إذ حدثَت تطوُّراتٌ جَذْرية في الفن الموسيقي نفسِه تسبَّبت في إعلان استقلاله الذاتي، واتِّخاذه شكلًا أكثرَ تجريدًا.
جوليوس بورتنوي: فيلسوف وموسيقي أمريكي. وُلد عام ١٩١١م. عمل أستاذًا للفلسفة في كلية بروكلين بنيويورك، وكان موسيقيًّا كاملَ التكوين، وقد سعى إلى الربط بين الفلسفة والموسيقى، وصاغ ذلك في كتابين، هما: «الفيلسوف وفن الموسيقى»، و«الموسيقى في حياة المرء».