تَكتمِلُ دِراستُنا التارِيخيةُ لأيِّ أُمةٍ مِن خِلالِ الاطِّلاعِ عَلى تُراثِها الشَّعْبيِّ البَسِيط، المُتمثِّلِ في قَصَصِها وأَمْثالِها، بَل ووَسائِلِ المَرحِ والتَّسلِيةِ السائِدةِ لأَطْفالِها؛ فالتُّراثُ الشَّعْبيُّ يُعبِّرُ عَن رُؤْيةِ المُجتمَعِ تجاهَ القَضايا والأَحْداثِ الإنْسانيةِ الكَبِيرةِ والصَّغِيرة، بِدايةً مِنَ المِيلاد، مُرورًا بالتَّرْبيةِ والزَّوَاج، وأَخِيرًا المَمَات. وتَأتي الأَلْعابُ الشَّعْبيةُ القَدِيمةُ لِلأَطْفالِ باعْتِبارِها أحدَ الأَشْكالِ التُّراثِيةِ التي تُبيِّنُ ما كَانَ عَلَيه التَّواصُلُ الاجْتِماعيُّ بَينَ الأَطْفالِ وما لُقِّنوه مِنَ التَّقالِيدِ المُتوارَثةِ والأَخْلاقِ السائِدةِ في المُجتمَع، فنَجِدُها تَحتفِي ببَعضِ الصِّفاتِ التي ميَّزَتِ المُجتمَعاتِ العَرَبية؛ كالفُرُوسيةِ والإِقْدامِ والتَّعاوُن. وقَدْ جَمعَ مُؤلِّفُ الكِتابِ مَجْموعةً مُتنوِّعةً مِن هذِهِ الأَلْعابِ القَدِيمةِ التي مارَسَها أَطْفالُ العِراق؛ ليُعِيدَ إِحْياءَها مِن جَدِيد؛ خاصَّةً أنَّها تَتضمَّنُ أَنْشطةً تُربِّي في النَّفْسِ سُرعةَ الحُكمِ والمُبادَرةِ إلى العَمل، كَما تُقوِّي المُلاحَظةَ وتُعمِّقُ رُوحَ الفَرِيق.
عبد الستار القرغولي: شاعِرٌ عِراقي، تميَّزَ شِعره بالتنوُّع ما بينَ المَدحِ والرثاء، والدعوة إلى القَوْمية العربية، وتقديم النُّصْح والإرشاد، والحثِّ على القِيَم والمُثُل العليا، كما يَغلبُ على أسلوبه الخَطابيةُ وصِياغةُ الشِّعارات. وُلِد «عبد الستار بن عبد الوهاب بن عبد القادر القرغولي» في بغداد عامَ ١٩٠٦م، وتعلَّمَ القراءةَ والكتابة وتلاوة القرآن الكريم في كُتَّابٍ ببغداد، ثم الْتَحقَ بالمدرسة البارودية الابتدائية للبنين، وبعدَها الْتَحقَ بمدرسة الاتحاد والترقي، ثم مدرسة التفيض، وفي النهاية انتسب إلى دار المعلمين الابتدائية التي تخرَّجَ فيها.عمل مُعلِّمًا في بلدة القرنة، ثم في مدينة الحلة بالعراق، وتدرَّجَ في المناصب حتى أصبح مديرًا للمَعارِف عند إعلانِ الجمهورية العِراقية عامَ ١٩٥٨م، ثم مُفتشًا للمدرسة الابتدائية. أما عن نشاطه السياسي؛ فقد بدأ منذ عام ١٩٢٩م حين قام مع مجموعةٍ من زملائه بتأليف جمعية قومية في بغداد سُمِّيت ﺑ «الجوال»، وكان «عبد الستار القرغولي» من أبرز دُعَاتها، وقد أرسلَتْه هذه الجمعية إلى سوريا للمُشارَكة في عُصْبة العمل القومي التي تأسَّست عامَ ١٩٣٣م مع الأستاذ «ناجي معروف» و«عبد المجيد عباس»، كما كان عضوًا بارزًا في نادي «المثنى بن حارثة الشيباني» الذي تأسَّسَ في عام ١٩٣٥م، وكانت أهدافه تَتمثَّل في بَعْث الرُّوحِ الوطنية، وقد كان «عبد الستار القرغولي» يتَّخِذ من هذا النادي مِنْبرًا لإلقاءِ قصائده، فضلًا عن أنه كان من أبرز كُتَّاب النادي في مَجَلَّته «المثنى». وبسبب توجُّهاتِه السياسية اعتُقِل في عام ١٩٤١م، وسُجِن في سِجْن العمارة، ثم أُطلِق سَراحُه وأُعِيدَ لعمله مرةً أخرى بعد أن فُصِل منه وذلك في عام ١٩٤٧م.كتب العديدَ من المسرحيات الشعرية، نذكر منها: «مسرحيات الأحداث»، و«أبو عبد الله الصغير»، و«مسرحيات لافونتين»، كما له أيضًا: «مختارات من ديوان الشاعر عبد الستار القرغولي»، بالإضافة إلى كُتُبه ورِواياته، ونذكر منها: «روايات من تاريخ العرب»، وكتاب «المثنى بن حارثة الشيباني»، و«الألعاب الشعبية لفتيان العراق»؛ فضلًا عن الكتب التي قام بتحقيقها، ومنها: «الجندية في الدولة العباسية»، و«النَّفحات المِسْكية في صناعة الفروسية». وتُوفِّي في بغداد عامَ ١٩٦١م، عن عُمْر يُناهِز الخمسة والخمسين عامًا.