«غريب (وحده على المسرح): أنا بدأت أفهم الناس دُول .. كلهم تعابين .. الهيصة اللي عاملينها دي .. الموالد والأفراح والليالي الملاح .. كله نَصْب .. عايزين ياخدوني في دُوكه، ويتهرَّبوا م الضرايب .. آل عاملين جمعية آل حاطِّين فيها كل حاجة .. آل يعني بيشتركوا في كل حاجة .. وما فيش حد عنده مِلك خاص .. ولمَّا ما يكونش لحد مِلك خاص .. يبقى ما فيش على حد ضرايب .. لكن على مين؟ أنا حاورِّيهم.»«ميت حلاوة» قريةٌ خيالية اتَّخذها «محمد عناني» رمزًا يناقش من خلاله الأنظمةَ الشمولية التي ترعى الاستبداد تحت شعاراتٍ جوفاء؛ حيث يقوم النظام الاجتماعي والاقتصادي في «ميت حلاوة» على نظام «الجمعية»، وهو نظامُ مساواةٍ في ظاهره، وفي حقيقته استبدادٌ وطغيان متجسِّدان في شخصية «نبوية»؛ رئيسةِ الجمعية التي تُصدِر أوامرَها والجميعُ مُطالَب بتنفيذها. لكنَّ نسائم الحب والتغيير تهفهف على القرية فتغيِّر حالَها من خلال شخصية «مكرم»، الموظَّف القاهري الذي يأتي إلى القرية حاملًا الحبَّ بين جوانحه، مُنخدِعًا في البداية بنظام الجمعية؛ وكذلك شخصية «غريب» الذي يأتي إلى القرية بهدفِ دمجها في لُحمة الوطن، وعندما تُدرِك «نبوية» أهدافَه تقرِّر القضاء عليه، لكنَّ وقوعها في الحب الذي كان يُحرِّمه نظامُ الجمعية ساعَد «غريب» على تقليب أعضاءَ الجمعية عليها. تُرى كيف ينتهي هذا الصراع؟!
محمد عناني: مُبدِع مصري موسوعي، كتب في الشعر والمسرح والنقد الأدبي، لكن مشروعه الأكبر كان في الترجمة؛ فأبدع فيها حتى استحقَّ لقب «شيخ المُترجِمين». وُلد «عناني» في مدينة رشيد بمحافظة البحيرة عام ١٩٣٩م. حصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة القاهرة عام ١٩٥٩م، ثم على درجة الماجستير من جامعة لندن عام ١٩٧٠م، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة ريدنغ عام ١٩٧٥م، ثم على درجة الأستاذية عام ١٩٨٦م. عمل مُراقِبَ لغةٍ أجنبية بخدمةِ رصد «بي بي سي» في الفترة من عام ١٩٦٨م إلى عام ١٩٧٥م، ثم محاضرًا في اللغة الإنجليزية بجامعة القاهرة منذ عام ١٩٧٥م، ورئيسًا لقسم اللغة الإنجليزية بالجامعة بين عامَي ١٩٩٣م و١٩٩٩م. وطوال مَسيرته التدريسية بالجامعة تَخرَّج على يدَيه عشراتُ الآلاف من الطلاب، وأشرف على مئات الرسائل الجامعية. اتَّسم الإنتاجُ الأدبي ﻟ «عناني» بالتنوُّع، فجمع بين التأليف والترجمة والنقد الأدبي؛ فمن بين أعماله المُؤلَّفة: «السجين والسجَّان»، و«السادة الرعاع»، و«جاسوس في قصر السلطان». أما مُؤلَّفاته العلمية في الترجمة والنقد الأدبي فمنها: «الترجمة الأسلوبية»، و«النقد التحليلي»، و«التيارات المعاصرة في الثقافة العربية»، و«الترجمة الأدبية بين النظرية والتطبيق». أما أعماله المُترجَمة فأهمها ترجمته لتراث «شكسبير» المسرحي بأكمله، وبعض أعمال «إدوارد سعيد» مثل: «الاستشراق وتغطية الإسلام»، و«المثقف والسلطة»، فضلًا عن أعمال أخرى مثل: «الفردوس المفقود»، و«ثلاثة نصوص من المسرح الإنجليزي». كما ساهَم في ترجمة الكثير من المُؤلَّفات العربية إلى الإنجليزية، وعلى رأسها مُؤلَّفات «طه حسين»، ودواوين ومسرحيات شعرية لكلٍّ من «صلاح عبد الصبور»، و«عز الدين إسماعيل»، و«فاروق شوشة». نال العديدَ من الجوائز؛ منها: «جائزة الدولة في الترجمة»، و«وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى»، و«جائزة الدولة في الآداب»، و«جائزة الملك عبد الله الدولية في الترجمة»، و«جائزة رفاعة الطهطاوي في الترجمة»، وغير ذلك من الجوائز العربية والمصرية المتميزة. رحَل الدكتور «محمد عناني» عن دُنيانا في الثالث من يناير عام ٢٠٢٣م، عن عمرٍ يناهز ٨٤ عامًا، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا من الأعمال المترجَمة والمؤلَّفة.