تظل الحرية مطلبًا إنسانيًّا غاليًا يُبذل من أجله الجهد والمال والدم. يضيق الأحرار بالقيود ويستفزُّهم الاضطهاد والظلم فتنفجر ثورتهم ويلتف حولها الشعب، ويعتنقون بفلسفتها التي صاغها الحكماء من الأدباء والمفكرين والسياسيين أو من نسميهم بالنُّخبة. يحكي «سلامة موسى» في هذا الكتاب أسفارًا من تاريخ سعي الإنسان للعدل والحرية من خلال تتبع الثورات الكبرى منذ ثورة العبيد في روما قبل الميلاد مرورًا بالثورتين الفرنسية والروسية، ووصولًا لثورة يوليو المصرية، حيث كان لهذه الثورات فضل في إقرار الدساتير وإرساء مبادئ المساواة بين البشر وإعلان سيادة الشعوب واستقلالها. ويقدم موسى هنا تحليلًا سريعًا لأسباب نجاح وفشل الثورات، كما يشير إلى التغيرات التي تُحْدِثها في ثقافة واقتصاد المجتمعات.
سلامة موسى: مفكر مصري كبير، وأحد أهم المؤثِّرين في الفكر العربي والمصري في القرن العشرين، ويَعُده الكثيرون أول مَن دعا للاشتراكية في الوطن العربي. وُلد «سلامة موسى» عام ١٨٨٧م بإحدى قرى الزقازيق، والتحق بالمدرسة الابتدائية القبطية، ثم انتقل بعدها إلى القاهرة ليلتحق بالمدرسة التوفيقية، ثم المدرسة الخديوية، وحصل على شهادة البكالوريا عام ١٩٠٣م. أتاحت له فترة الإقامة في فرنسا (١٩٠٦–١٩٠٩م) التعرُّف على رموز الفكر والفلسفة في أوروبا، فاطَّلع على أعمال «ماركس» و«فولتير»، وتأثَّر تأثرًا كبيرًا ﺑ «نظرية التطور» (أو «النشوء والارتقاء») وبصاحبها «تشارلز داروين»، كما اطَّلع خلال سفره على آخِر ما توصَّلت إليه علوم المصريات، ثم انتقل إلى إنجلترا لدراسة القانون. انضمَّ إلى جمعية العقليين والجمعية الفابية الاشتراكية، وفيها تعرَّف على المفكر الكبير «جورج برنارد شو». عاد إلى مصر عام ١٩١٠م، وأصدر كتابه «مقدمة السوبرمان» الذي كان أول نافذة يتعرَّف من خلالها المجتمعُ الثقافي المصري عليه، ثم كان كتاب «نشوء فكرة الله» الذي نقل فيه أفكار الكاتب الإنجليزي «جرانت ألين» ونقْدَه للفكر الديني. ﻟ «سلامة موسى» أكثر من أربعين كتابًا، من أهمها: «أحاديث الشباب»، و«أحلام الفلاسفة»، و«الإنسان قمة التطور»، و«الاشتراكية»، و«المرأة ليست لعبة»، و«حرية الفكر وأبطالها في التاريخ»، و«غاندي والحركة الهندية»، و«مصر أصل الحضارة»، و«نظرية التطور وأصل الإنسان»، و«هؤلاء علَّموني». تُوفِّي «سلامة موسى» في القاهرة عام ١٩٥٨م.