«وفي الفصل التاسع، بعد أن انتقل سعيد للإقامة في بيت نور، فإن الحوار السينمائيَّ لم يستطع أن يفلت مما كتَبه المؤلِّف بالنَّص؛ مما يعكس أن الكثير من كتَّاب السيناريو للأفلام الأولى لمحفوظ كانوا أقرب إلى التقديس بالنسبة للنَّص.»يقدِّم هذا الكتابُ دراسة مقارنة بين العمل الأدبي ونظيره السينمائي متَّخذًا من أعمال «نجيب محفوظ» موضوعًا للدراسة لكونها الأكثرَ تجسيدًا على شاشة السينما؛ وذلك بهدف دراسة الزاوية التي نظر بها صنَّاع الفيلم إلى العمل الروائي، ومدى الالتزام بالنَّص الأدبي، والمساحات التي تمكِّن صنَّاع العمل من الولوج إلى روح العمل وفكرته واستبعادِ ما وجدوه غيرَ مؤثِّر، والاستعاضة عن بعض الأحداث بمدلولاتٍ تعبِّر عنها، ومدى التوفيق في اختيار الممثِّلين الذين جسَّدوا شخصيات «محفوظ». كلُّ هذا استطاع «محمود قاسم» رصده في كلِّ عملٍ على حِدة، بدايةً من «بداية ونهاية» — التي كانت أول أعمال «محفوظ» الروائية التي تُجسَّد على شاشة السينما — حتى رواية «قلب الليل»، فضلًا عن الأعمال التي اتَّخذت الفكرةَ عن إحدى الروايات وعالَجتها في فيلمٍ سينمائي، مثل فيلم «ليل وخونة» المأخوذ عن رواية «اللِّص والكلاب».
محمود قاسم؛ كاتب مِصري موسوعي ومُترجِم ورِوائي وناقد سينمائي وأستاذ جامعي متنوع الإسهامات في مجال الأدب والنقد والسينما والمسرح والدراما الإذاعية وأدب الأطفال. وُلد «محمود قاسم» في مدينة الإسكندرية عام ١٩٤٩م لأسرة متوسطة الحال، وشهد صغيرًا وفاة والده، لتتولَّى والدته مسئولية تربيته هو وإخوته في ظروف قاسية. تخرَّج في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية عام ١٩٧٢م. عمل في أحد الأقسام الإعلامية بمنظمة اليونسكو بين عامي ١٩٧٥م و١٩٧٧م، ثم رَأَس قسم مكتبة المعهد الفني التِّجاري في الكلية التكنولوجية بالإسكندرية حتى عام ١٩٨٤م، وتنقَّل بين الوظائف، ومن بينها عمله سكرتير تحرير لروايات دار الهلال، ورئيس تحرير لكتب الأطفال التي تُصدرها الدار، وأصبح مُحاضرًا في قسم الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة في جامعة المنيا عام ٢٠٠٧م. كانت القراءة هي المحرك الأساسي لمسيرة «قاسم» الإبداعية، وقد نشر مقالاته الأولى عام ١٩٨٠م في جريدة المساء، ثم في مجلة العربي الكويتية، وتوالت المقالات حتى بلغت أكثر من عشرة آلاف مقالة، جمع نحو ٦٠٠ منها ونشرها تحت اسم «موسوعة أدباء نهاية القرن العشرين» بين مجموعات موسوعية أخرى، ونشر أولى رواياته عام ١٩٨٢م بعنوان «لماذا؟»، واهتم بترجمة روايات الكُتَّاب الحاصلين على جائزة نوبل، فنقل مثلًا عن الفرنسية رواية «آلهة الذباب» لويليام جولدنج. شكَّل شغفُه بالسينما والفنون المحركَ الأساسي الثاني لمسيرته، فجاءت كتابته عن الأفلام والأغاني التي أثارت اهتمامه غزيرةً، ونشر نحو ٢٠ كتابًا حول السينما المصرية والعربية، منها: «موسوعة الأفلام العربية» و«سينما نبيلة عبيد»، وكتب للمسرح مسرحياتٍ؛ منها «زيزو موهوب زمانه»، وأنتج مسلسلاتٍ تلفزيونية وإذاعية للكبار والصغار، من بينها مسلسل «مغامرات جلجل وفلفل»، وفاز أول كتبه في أدب الأطفال بجائزة الدولة التشجيعية. وعلى الرغم من موسوعيته وتنوُّع إنتاجه وغزارته، يظل «محمود قاسم» يُعرِّف نفسه بأنه «كاتب» لا أكثر ولا أقل، ويلخِّص سر إبداعه بقوله: «الطفل الذي بداخلي هو الذي يكتب ما يحب كتابته».