«باستثناء مجموعة قليلة من أفلامها التي تقترب من الأربعة آلاف وخمسمائة فيلم، سنجد أن أغلب أفلام السينما المصرية مستورَدٌ من الخارج؛ إما تأثُّرًا بموجات عالمية تَلقى ذيوعًا في مرحلة معيَّنة، أو بالاقتباس المباشِر من أفلام أو روايات أدبية أو مسرحيات. وبمثل هذا التأثير البيِّن في السينما المصرية يتَّضح مدى أهمية الدراسات المقارنة، أو ما يمكِن تسميته تجاوزًا بالسينما المقارنة.»يمثِّل الأدب منبعًا زاخرًا بالحكايات التي تُعَد المادةَ الأساسية لسيناريوهات السينما. وقد تنوَّعت الأفلام المأخوذة من الأدب؛ فبعضها نقَل القصةَ والرواية إلى السينما بنفس عنوانها وحكايتها وشخوصها، وبعضها اقتبَس جزءًا من الفكرة وصاغ قِصةً جديدة مرتكِزةً على الفكرة الأساسية للعمل الأدبي، أو ذاتَ حبكة درامية مستوحاة منه. وفي هذا الكتاب عكف الناقد السينمائي «محمود قاسم» على تتبُّع ما اقتبسَته السينما المصرية من الأدب العالمي، كما سلَّط الضوء أيضًا على تأثُّرها بالسينما العالمية، وخاصةً السينما الأمريكية التي كان تأثيرُها على السينما المصرية يَفوق تأثيرَ الأدب الأمريكي. وفي ثنايا هذا الكتاب سنكتشف النصوصَ الأدبية التي أُخِذت منها أفكارُ الكثير من الأفلام التي تأثَّرنا بها وشكَّلت جزءًا من ذائقتنا الفنية.
محمود قاسم؛ كاتب مِصري موسوعي ومُترجِم ورِوائي وناقد سينمائي وأستاذ جامعي متنوع الإسهامات في مجال الأدب والنقد والسينما والمسرح والدراما الإذاعية وأدب الأطفال. وُلد «محمود قاسم» في مدينة الإسكندرية عام ١٩٤٩م لأسرة متوسطة الحال، وشهد صغيرًا وفاة والده، لتتولَّى والدته مسئولية تربيته هو وإخوته في ظروف قاسية. تخرَّج في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية عام ١٩٧٢م. عمل في أحد الأقسام الإعلامية بمنظمة اليونسكو بين عامي ١٩٧٥م و١٩٧٧م، ثم رَأَس قسم مكتبة المعهد الفني التِّجاري في الكلية التكنولوجية بالإسكندرية حتى عام ١٩٨٤م، وتنقَّل بين الوظائف، ومن بينها عمله سكرتير تحرير لروايات دار الهلال، ورئيس تحرير لكتب الأطفال التي تُصدرها الدار، وأصبح مُحاضرًا في قسم الرسوم المتحركة بكلية الفنون الجميلة في جامعة المنيا عام ٢٠٠٧م. كانت القراءة هي المحرك الأساسي لمسيرة «قاسم» الإبداعية، وقد نشر مقالاته الأولى عام ١٩٨٠م في جريدة المساء، ثم في مجلة العربي الكويتية، وتوالت المقالات حتى بلغت أكثر من عشرة آلاف مقالة، جمع نحو ٦٠٠ منها ونشرها تحت اسم «موسوعة أدباء نهاية القرن العشرين» بين مجموعات موسوعية أخرى، ونشر أولى رواياته عام ١٩٨٢م بعنوان «لماذا؟»، واهتم بترجمة روايات الكُتَّاب الحاصلين على جائزة نوبل، فنقل مثلًا عن الفرنسية رواية «آلهة الذباب» لويليام جولدنج. شكَّل شغفُه بالسينما والفنون المحركَ الأساسي الثاني لمسيرته، فجاءت كتابته عن الأفلام والأغاني التي أثارت اهتمامه غزيرةً، ونشر نحو ٢٠ كتابًا حول السينما المصرية والعربية، منها: «موسوعة الأفلام العربية» و«سينما نبيلة عبيد»، وكتب للمسرح مسرحياتٍ؛ منها «زيزو موهوب زمانه»، وأنتج مسلسلاتٍ تلفزيونية وإذاعية للكبار والصغار، من بينها مسلسل «مغامرات جلجل وفلفل»، وفاز أول كتبه في أدب الأطفال بجائزة الدولة التشجيعية. وعلى الرغم من موسوعيته وتنوُّع إنتاجه وغزارته، يظل «محمود قاسم» يُعرِّف نفسه بأنه «كاتب» لا أكثر ولا أقل، ويلخِّص سر إبداعه بقوله: «الطفل الذي بداخلي هو الذي يكتب ما يحب كتابته».