طالما نظر الناس فيما مضى بشك لعلم الاقتصاد؛ فاعتبروه علمًا وضعه الأغنياء ليزدادوا ثراءً على حساب الفقراء والكادحين، ولكن الحقيقة أن الهدف الذي دأب علماء الاقتصاد على تحقيقه من خلال دراساتهم هو البحث في سبل زيادة ثروة الأمم وطريقة توزيعها بحيث تتحقق الرفاهية والسعادة للشعوب، والكتاب الذي بين يديك هو أحد المؤلفات الأولى الرائدة، التي درست الاقتصاد بشكل علمي رصين، وبحثت في ماهية الثروة وسبل تكوينها من خلال عناصر الإنتاج المعروفة (العمل، والطبيعة، ورأس المال) ليتم بعد ذلك توزيعها على الأفراد، وأيضًا يوضح أهمية الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومات، وغير ذلك من موضوعات في شكل بسيط يقرب للقارئ مفاهيم اقتصادية كبرى تمس حياته اليومية.
ويليام ستانلي جيفونس: عالِم منطق واقتصادي إنجليزي له إسهامات ونظريات علمية مهمة في مجال العلوم الاقتصادية. وُلِدَ جيفونس في مدينة «ليفربول» الإنجليزية في عام ١٨٣٥م، وكان والده يعمل بتجارة الحديد الخام، وقد كان مُحِبًّا لدراسة العلوم، كما كان يكتب أحيانًا في بعض الموضوعات الاقتصادية والقانونية؛ لذلك حرص على تقديم أفضل تعليمٍ لابنه منذ الصِّغَر، حتى أرسَلَه إلى «لندن» ليتلقَّى تعليمه الجامعي، ولكنْ تحت وطأة بعض الظروف المالية اضْطُرَّ لتركها بعد عامين. بعد أن ترك «جيفونس» الجامعة سافَرَ للعمل بأستراليا؛ حيث قضى هناك قرابة خمسة أعوام، عمل فيها محلِّلًا ماليًّا، ثم عاد مجدَّدًا لوطنه حيث قرَّرَ استكمال دراسته الجامعية، ليعمل بعد تخرُّجه في السلك الأكاديمي؛ حيث كان أستاذًا بجامعتَيْ مانشستر ولندن. أسهم جيفونس في وضع نظرية «القيمة-المنفعة» التي ترى أن قيمة أيَّة سلعة تتحدَّد بالمنفعة التي يحصل عليها المستهلِك من هذه السلعة؛ وقد عمل على تطويرها لتصبح «نظرية المنفعة الحدية». كذلك ألَّفَ عدة كتب مهمة في علوم الاقتصاد ظلَّتْ تُدَرَّس لعقود في الجامعات مثل كتابه «الاقتصاد السياسي»، ويُعَدُّ أحدَ الذين أسَّسوا حِقبة جديدة في تاريخ الأفكار الاقتصادية. تُوفِّيَ «جيفونس» في عام ١٨٨٢م.