«سأعاني كثيرًا،لكنَّني لن أحاول أبدًاأن أحوِّل أمِّي إلى قصيدة،ولا أنوي أن أحوِّل قصيدتي إلى أُم.»يَبوح الشاعر في هذا الديوان بشجونه المثقَلة بالفَقد والهزيمة والخَواء بعد أن فقَد أمَّه وأباه في عامٍ واحد، فيجد نفسَه طفلًا صغيرًا فقَد بوصلةَ الحياة التي كانت تنضبط على إيقاعِ دقَّات قلب أمِّه، تائهًا في العَراء يتحسَّس سواعدَ أبيه التي كانت تمنحه اتِّزانه، معلِنًا هزيمته في النِّزال أمام الأيام، وعازفًا عن كتابة القصائد إلى حبيبته؛ إذ لا يجد للكلمات معنًى أمام سلسلة الهزائم اليومية وانتصارات الموت المتكررة. وعندما يستيقظ من نومه، في تلك الليلة التي قضاها برُفقة أمِّه بعد رحيلها بستة أشهر، يتذكَّر حين كان يومًا ما شابًّا عشرينيًّا يتأبَّط حُزمة من دواوين الشعر، يتململ بين مدرَّجات كلية الطب حامِلًا في صدره حُزمة من الأحلام.
عبد المقصود عبد الكريم: مترجم وشاعر وطبيب نفسي مصري. ولد في عام ١٩٥٦م بقرية طنامل النابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية، عاش بقريته سبع سنوات قبل أن ينتقل للعيش بالقاهرة مع أسرته في عام ١٩٦٣م. تخرج في كلية الطب بجامعة عين شمس عام ١٩٨٠م، وحصل على درجة الماجستير في الطب النفسي والأعصاب من الكلية نفسها وذلك في عام ١٩٨٧م، أما عن حياته العملية فقضاها في مستشفى المطرية التعليمي؛ حيث رأس قسم الطب النفسي والأعصاب من عام ١٩٩٧م إلى عام ٢٠١٠م. وإلى جانب ممارسته للطب النفسي، اهتم عبد المقصود كثيرًا بالكتابة وقدَّم الكثير من الأعمال التي تنوعت ما بين الشعر والترجمة، فعن أعماله الشعرية، فقد كتب أكثر من عشرة دواوين ومنها: «ازدحم بالممالك»، و«للعبد ديار وراحلة»، و«نسخة زائفة»، و«يهبط الحلم بصاحبه»، و«يوميات العبد على حافة بئر الأميرة»، أما عن ترجماته فتنوعت ما بين الشعر، والرسائل والروايات، والدراسات النفسية، كذلك الدراسات التي تجمع بين العلوم النفسية والأدب، ومن أبرز ترجماته: «الحكمة والجنون والحماقة»، و«إسطنبول»، و«جاك لاكان وإغواء التحليل النفسي»، و«قصر الضحك»، و«القصر الزجاجي»، و«الإعداد والانتحال»، و«التفرد والنرجسية»، و«الجاذبية المميتة»، و«مختارات من الشعر الأمريكي»، و«السرد والهوية»، و«البحث عن الوعي»، و«الموت والاحتضار»، و«الشخصية واضطراباتها والعنف»، كما قدَّم دراسة بعنوان: «جماليات الحلم والنسيان: دراسة في الحلم والشعر».