adventurethrillerliterature
نصوص قصصية من روائع الأدب الأفريقي
مسألة تذوق
أليكس لاجوما
جنوب أفريقيا
ولد أليكس لاجوما في مدينة كيب تاون عام ١٩٢٥م، وغادر جنوب أفريقيا مع
ً عائلته سنة ١٩٦٦م، وكان ممنوع ِ ا من الدخول من قبَل حكومة جنوب أفريقيا
بسبب أنشطته السياسية .. في عام ١٩٦٢م وضعوه تحت الحراسة ملدة خمسة
أعوام .. كتب «الحبل املثلث» عام ١٩٦٤م، و«الوطن الحجري» ١٩٦٧م، و«نزهة
في الليل»، وبعض الروايات والقصص الأخرى.
كانت الشمس متألقة باتجاه الغرب، والسحب الرقيقة فوق الأفق تبدو كالبيضة
املنشطرة إلى نصفني، ويحدها اللون الأصفر املشرق حني كان الولد الصيني واقفً ا يلهث
بجوار الإناء املوضوع فوق النار، وهو يقول: يجب أن يغلي الآن.
كان الإناء متذبذبًا فوق قالبني من الطوب وحجر ناعم .. أشعلْنا النار بحرص لنصنع
ٍ القهوة، وظللنا ننتظر غليان املاء ونحن نراقبه باهتمام ٍ شديد كما لو أن امرأة تنتظر ميلاد
طفل .. امتلأ سطح املاء بالفقاعات؛ فألقى الولد الصيني بعض القهوة في املاء وراح يقلب
الإناء .. كان قصريًا ذا شعر رمادي مجعد، ووجه كبري هادئ وتعلو، ملامح وجهه مسحة
من الصبر وكأنه اعتاد أن يفعل الأشياء ببطءٍ وعناية، غري أن عينيه كانتا سوداوين لا
تستقران على حال مثل زوج من الصراصري.
ً قال ناصح ً ا: لنتركها قليلا.
وضع بقية القهوة جانبًا، وأخرج من جيبه خرقة قديمة لفها حول يده، ثم رفع العلبة
من فوق النار، ووضعها بعناية فوق الرمل بجوار قالب الطوب.
ِّ كنا قد انتهينا لتونا من العمل في خطوط السكك الحديدية، ومضينا نحو املعسكر
على بُعد ياردات قليلة من الجسر .. كان الصدأ يُغطي حديد املكتب املجعد املليء بخيوط
العنكبوت، والأعشاب الضارة تكسو الرصيف املحطم، وكانت التدويرة الأسمنتية لا تزال
في مكانها، لكن الشرخ أصابها؛ فبدت كأنها لافتة للترحيب بزائري مدينة الأشباح.
ُ تناول الولد الصيني علب اللبن النظيفة وقام بترتيبها، فتقدمت إلى العارضة الخشبية،
ُ وانتظرت ً بداية طقوس صب القهوة .. بدأ الولد الصيني يلف يده فوق العلبة؛ استعدادا
لصب القهوة، لكنه لم يفعل وراح يراقب شيئًا ما خلفنا.
أصوات مزيج من الحفيف، والخشخشة، والطرقعة كانت تنبعث من بني الأغصان
والفروع .. نظرت إلى الوراء، وإلى أعلى؛ فتراءى أمامي بوضوح ظل طويل لرجل خارج من
ً املزرعة .. كان الرجل نحيلا ً ومقيدا وذا وجه أبيض شاحب ولحية صفراء بلون الذهب،
ولم يكن من العسري ملاحظة تلك الخطوط السوداء القذرة حول فمه وتحت عينية وفوق
ً رقبته .. كان شعره متناثر ً ا، وغزير ً ا يتساقط من الخلف متسللا إلى رقبته وحول صدغيه،
ُ وكان يرتدي حلَّةً قذرةً من الجينز القديم الباهت اللون ومعطفً ا من الجلد املمزق.
ٍ وقف أمامنا في تردد، وراح ينظر نحوي، ثم نحو الولد الصيني، وما لبث أن عاودني
بنظراته وهو يتحسس فمه بيده، وقال: لقد شممت رائحة القهوة.
ً أومأ الولد الصيني إلى الرجل الغريب الأبيض وخاطبه قائلا: اجلس، سوف نتناول
العشاء.
َّكشر ً الأبيض قليلا ً ، وظل يلف حول العارضة الخشبية بحرية وارتباك دافعا إياها
بحذائه القديم إلى أعلى دون أن يقول شيئًا سوى مراقبة ما يحدث، بينما تناول الولد
الصيني علبة أخرى من علب اللبن النظيفة ورفع الإناء من فوق النار، وبدأ يصب القهوة
في العلب، ثم رشف رشفةً كبريةً بصوت واضح، وقال: كان من املفترض أن نتناول بعض
الخبز الناشف فلا شيء يعادل الخبز الناشف مع القهوة.
قال الولد الأبيض: السجق.
– هاآآه.
– السجق مع القهوة.
قطب الولد الصيني جبينه، وسمعته يقول: أووه!
ثم سأل: هل أنت ذاهب إلى مكان ما أيها الأبيض؟
«كيت تاون» فقد أحصل على وظيفة هناك .. ربما وظيفة في سفينة يمكنني من
خلالها التوجه إلى أمريكا.
قلت: إنهم كثريون أولئك الذين يرغبون في الذهاب إلى أمريكا!
ً رشف الأبيض قليلا ً من القهوة وقال: نعم .. لقد سمعت أن هناك مالا كثريً ً ا وطعاما
كثريًا.
َّرد ً الولد الصيني قائلا: أتتحدث عن الطعام؟ لقد رأيت ذات مرة صورة في كتاب عن
ٍّ الطعام هناك عبارة عن قليل جدا من الدجاج املحمر سهل التفتت يُسمونه غلة، وبعض
الفطائر، ومرق اللحم، وبطاطس محمرة، ونوع جديد من البازلاء الخضراء، كل شيء
مصنوع بالألوان.
ً قلت ساخر ِ ا: ناولني لحم الحمل املشوي.
َّ فقال الولد الأبيض: لو أنني أحصل على مثل هذا الطعام؛ ملا ترد ُدت في الانقضاض
عليه، والتناول منه حتى الانفجار.
ً رشف الولد الصيني قليلا من القهوة، ثم قال: عملت ذات مرة وأنا صغري جرسونًا في
ٍ أحد املقاهي الكبرية؛ فرأيت بنفسي ما كانوا يتناولونه من طعام ٍ مغشوش.
قلت: هل تذكر حني ذهبنا للشراب، وتناولنا أكواز الذرة والفول حتى انتفخنا؟
أضاف الولد الصيني بطريقة غريبة: أتمنى أن أجلس في يوم ما بأحد املقاهي الكبرية،
وألتهم بطة كاملة، وبطاطس محمرة مع سلاطة البنجر، وطعام امللائكة، وكعكه من املربى
ً والفاكهة، ثم أشعل سيجارا في النهاية.
أجاب الولد الأبيض: إنها مسألة تذوق! فبعض الناس يحب الدجاج، وبعضهم الآخر
يحب رءوس الأغنام وحبات الفول.
ً قال الولد الصيني متجهما: مسألة تذوق؟! .. إنها مسألة نقود يا صديقي .. لقد
ً عملت ستة أشهر في ذلك املقهى ولم أر أبدا أن أحدهم طلب رءوس الأغنام أو حبات الفول.
َّ سأل الأبيض: هل سمعت عن رواد تلك املقاهي الكبرية؟ لقد سكب أحدهم ذات مرة
آخر ما تبَقَّ ً ى من القهوة في كوب الفنجان، ثم أخرج سندويتشا واستدعى الجرسون وطلب
منه كوبًا من املاء، وعندما جاء الجرسون بكوب املاء سأله: ملاذا لا تعزف الفرقة املوسيقية؟
ً ضحكنا قليلا، فأضاف الولد الصيني وهو يسعل ويتمتم: كما طلب آخر السجق
ا
والعصيدة، وعندما أحضر له الجرسون ما أراد قال له: أيها الرجل .. لقد أحضرت لي طبقً
ً مكسور ً ا! .. لكن الجرسون قال له: أوه إنه ليس مكسورا .. إنه السجق.
ضحكنا أكثر من املرة الأولى، وراح الولد الصيني يتطلع إلى السماء باتجاه الغرب ..
ُّ كانت الشمس على وشك الغروب وعبر الأفق بدت السحب معلقة كالخرقة البالية امللطخة
بالدم.
كانت الأغصان تتمايل بفعل هبات النسيم، ومن خلف خط السكك الحديدية سمعنا
ٍ أحد الطلاب يزعق بصوت ٍعال.
قال الولد الصيني: توجد عربات بضائع فارغة تمضي من هنا إلى ما حولنا، وعلينا أن
نساعد الأبيض؛ إذ ربما يستطيع الذهاب إلى «كيت تاون».
ً ثم نظر إلى الأبيض مستطرد ُ ا: هناك منحنًى يمكنك من خلاله أن تقفز إلى القطار
وسوف نُريك إيَّاه.
ً وأومأ لي قائلا: جون .. عليك أن تهتم بالبط.
أفرغت ما تبقى من القهوة، وكانت النار قد خمدت وصارت كومة الرماد .. فتش
َّ الأبيض في جيب معطفه الجلدي فلم يجد سوى ثلاث سجائر؛ فقدم واحدة لكل منا، ثم
ً ا من الخشب املحترق أشعلنا به سجائرنا. وقال متفحصا طرف
رفع الولد الصيني غصنً
ٍّ السيجارة املتأجج: سيجار طيب جدا.
عندما انتهت القهوة والسجائر كانت الشمس في طريقها للغروب، فاكتست الأرض
َّ بظلال سوداء، وتلونت باللون الأرجواني، وبدت ظلال الأغصان كالتنني.
كانت عربة الفحم تسري ببطء، فمضى الأبيض نحوها وهو يراقب قبضة الحديد في
نهايتها حتى وصل إليها وثبت قدميه.
استطعنا رؤيته وهو معلق عند حافة العربة .. كان يشد نفسه إلى أعلى، وكنا نسمع
طرقعات القطار من بعيد.
َّلو ُّ ح لنا بيده من بعيد وهو يفتح باب العربة فرفعنا أيادينا نرد ٍ التحية؛ عندئذ قال
الولد الصيني: ملاذا لا تعزف الفرقة املوسيقية؟ .. يا للجحيم!
٠٧ سبتمبر ٢٠٢٣health
وصفات طبيعية لجعل شعرك أكثر جمالًا
شعر جميل هو جوهر الجمال والثقة بالنفس. يعكس حالة صحتنا العامة وعنايةنا بأنفسنا. إذا كنتِ تتساءلين عن كيفية الحفاظ على شعركِ ناعم ولامع وصحي، فأنتِ في ...
٢٤ أغسطس ٢٠٢٣psychology
الإيكيغاي: كشف غموض هدف الحياة والإشباع لرحلة ذات معنى
تعيش الحياة على مراحلها مليئة بالتساؤلات حول معنى الوجود وهدف الحياة. يسعى الكثيرون إلى إيجاد الإشباع والسعادة من خلال الاكتشاف الدائم للهدف والمعنى ا...
٠١ سبتمبر ٢٠٢٣self-improve
كايزن: السعي المستمر نحو التحسين والتطوير
ما هو الكايزن؟الكايزن هو نهج لخلق التحسين المستمر استنادًا إلى فكرة أن التغييرات الإيجابية الصغيرة المستمرة يمكن أن تجلب تحسينات كبيرة. وعادةً ما يعتم...
٠٥ سبتمبر ٢٠٢٣health
اتجاهات التغذية والأساطير الغذائية
مقدمة: توجيه الأضواء نحو اتجاهات وخرافات التغذيةإتجاهات التغذية والأفكار الخاطئة: نفصل الحقيقة عن الخيالإن الصحة والتغذية هما جزء أساسي من حياتنا اليو...