لم تحظَ لغةٌ على ظهر البسيطة بما حظيَت به اللغةُ العربية من عنايةٍ ودراسةٍ وتنظيرٍ وشرحٍ وتفصيل؛ إذ لم يدَّخِر علماءُ اللغة وأهلها جهدًا في التأريخ والتأصيل لها؛ فمنذ بَدءِ عصر الكتابة مع نزول «القرآن» على قلب الرسول الكريم واللغةُ العربية لم تَبرَح مَجالسَ العلم، حتى وضعوا لها القواعدَ والأصول التي تَحُول بينها وبين اللحن والتحريف. ولما كان تاريخُ هذه اللغة الغرَّاء وما أفرزَته من علومٍ وآداب يَمتدُّ لقرون طويلة، كان من واجبِ أبنائها نشرُ هذا التاريخ الذي يَحمِل من الذخائر أنفَسَها، ومن العلوم أشرَفَها، ومن الفنون أرقاها. وهذا الكتاب يشرحُ نشأةَ العلوم الأدبية، وتطوُّرها في مُختلِف العصور، والكتب التي أُلِّفت فيها، وأزمانها، وحياة مُؤلِّفيها، وكذلك نماذج من تلك الكتب.
محمد دياب: باحث وأديب مصري. وُلِدَ محمد دياب إسماعيل درويش في محافظة المنوفية المصرية في عام ١٨٥٢م، حيث تلقى تعليمًا دينيًّا تقليديًّا في كُتَّاب قريته، ثم التحق بالأزهر ودار العلوم لدراسة اللغة العربية وآدابها. عمِل «دياب» بعد تخرُّجه بوزارة المعارف مدرِّسًا للغة العربية، وظل يترقى بها حتى أصبح مفتشًا، بالإضافة لتأليفه عدة كتب مدرسيَّة، كذلك كانت له أعمال في الأدب واللغة والتاريخ مثل: «النخبة السنية في الأصول الحسابية»، و«خلاصة تاريخ مصر القديم والحديث»، و«تاريخ آداب اللغة العربية» وغيرهم. تُوُفِّيَ «دياب» بالقاهرة في عام ١٩٢١م وكان بصره قد كف في نهاية عمره.