لا يزال الشِّعر العربي هو أهم الفنون الأدبيَّة لدى أهل الضاد؛ فهو ديوان تاريخِهم، يحْكِي انتصاراتِهم، ويذْكُر مفاخِرَهم وأنسابهم، فكانت القبيلة تُقِيم الأفراح إنْ بَرَز لها شاعرٌ فَذٌّ، وكيف لا، وهو المُتحدِّث بلسانها والمُدافِع عن أفكارها ومواقفها؟! وقد انفرد الشعر العربي بالتزامه الوَزْن ما عدا ما يُعرَف بالقصيدة النثريَّة، وقد وعى العرب أهميةَ هذا الفنِّ وقَدَروه حقَّ قَدْره، فعملوا على حمايته وحِفْظه من الاعتلال، وما قد يدخل عليه من لسان الأعاجم؛ فوضَعَ «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ما يُعرَف ﺑ «علم العَرُوض» ليُعرَف به الصحيحُ من الفاسِد وزنُه شعريًّا. وهذا الكتاب هو مُقدِّمة أساسية لمَن أراد دراسةَ الشعر العربي ونَظْمه بشكل صحيح، أو للقارئ العادي المهتمِّ بذلك الفنِّ.
أحمد الهاشمي: أدِيبٌ ومُعلِّمٌ مِصْرِي. وُلِدَ «أحمد إبراهيم مصطفى الهاشمي» في القاهِرةِ عامَ ١٨٧٨م، وتَلقَّى تَعلِيمًا تَقلِيديًّا في «الأَزْهرِ الشَّرِيف» كأَغْلبِ أَبْناءِ ذلِكَ الوَقْت، وإنْ كانَ مِن حُسْنِ طالِعِهِ أنْ تَتَلمَذَ عَلى أَيْدِي شُيوخٍ كِبارٍ أَمْثالِ: «محمد عبده» و«سليم البشري» و«حسونة النواوي» وغَيرِهِم مِنَ الأَئِمَّةِ الكِبار، فشُغِفَ باللُّغةِ العَرَبيَّةِ وآدَابِها. عَمِلَ الهاشِميُّ مُدرِّسًا لِلُّغةِ العَربيَّةِ بالعَدِيدِ مِنَ المَدارِسِ الأَهْليَّةِ حَيثُ فَضَّلَ العمَلَ بِها عَلى التَّدْرِيسِ بالأَزْهر، فتَدرَّجَ في الوَظائفِ حتَّى أَصْبَحَ مُدِيرًا ﻟ «مَدرَسة الجَمْعيَّةِ الإِسْلامِيَّة» و«مَدرَسة فُؤاد الأَوَّل»، كَمَا عُيِّنَ مُراقِبًا ﻟ «مَدارِس فكتوريا الإِنْجِيليَّة». ترَكَ الهاشِميُّ مِيراثًا كَبِيرًا مِنَ المَقالَاتِ والأَعْمالِ الأَدَبيَّةِ واللُّغوِيَّةِ الَّتِي كانَتْ عَلاماتٍ مُمَيزةً في حقْلِ اللُّغَة؛ حَيثُ احْتَفَى بِها أُدَباءُ عصْرِهِ وظلَّتْ إلَى الآنَ مَرَاجِعَ يُعْتَدُّ بِها في الشِّعرِ والنَّحْوِ وآدابِ العَرَبيَّة، نَذكُرُ مِنْها: «أُسلُوب الحَكِيم»، و«جَواهِر البَلَاغَة في المَعَانِي والبَيَانِ والبَدِيع»، و«مِيزَان الذَّهَبِ في صِناعةِ شِعْرِ العَرَب»، و«جَوَاهِر الأَدَبِ في أَدَبِيَّاتِ لُغَةِ العَرَب»، و«مُخْتار الأَحادِيثِ النَّبَوِيَّة». تُوُفِّيَ الهاشِميُّ عامَ ١٩٤٣م، عَن عُمرٍ ناهَزَ السادِسةَ والسِّتِّين.