كانَ أول يومٍ في العامِ الميلاديِّ الجديد، حينَ أعلنَتْ ثلاثةُ مراصِدَ فلكيةٍ في الوقتِ ذاتِهِ تقريبًا أنَّ كوكبَ نبتون — أبعدَ الكواكبِ التي تَدورُ حولَ الشمس — صارَتْ حركتُه مضطرِبةً للغاية. اكتشَفَ علماءُ الفلكِ لاحقًا وجودَ بقعةٍ ضئيلةٍ وبعيدةٍ من الضوءِ الخافتِ في نطاقِ الكوكبِ المضطرِب، ثُمَّ اكتشفوا بعدَ بضعةِ أيامٍ أنَّ هذا الجِرْمَ الجديدَ يَزدادُ حجمًا وضِياء، وأنَّ حركتَه تختلِفُ تمامًا عن حركة الكواكبُ المُنتظِمة. عالِمُ رياضياتٍ واحدٌ فقَطْ أدرَكَ ما وراءَ هذِهِ التغيُّراتِ العجيبةِ في النظامِ الشمسي، وتنبَّأَ بالكارثةِ التي يَحمِلُها ذلك «النَّجْمُ» القادم. سيمرُّ النَّجمُ قريبًا جدًّا منْ كوكبِ الأرض، ورُبَّما يصطدِمُ بِهِ مباشَرةً؛ وستكونُ النتيجةُ زلازلَ وبراكينَ وأعاصيرَ وفيضاناتٍ تَجتاحُ أنحاءَ الأرضِ كلِّها، ولا أحَدَ يستطيعُ أنْ يُقدِّرَ حجْمَ الأضرار، التي رُبَّما تَصلُ إلى حدِّ فناءِ البشر. فهل ستَتحقَّقُ نُبوءةُ هذا العالِمِ؟ وهل سيَفْنى كوكبُ الأرضِ أم سيَنجُو مِنْ هذا المصيرِ الرهيب؟
هربرت جورج ويلز: أديبٌ ومُفكِّرٌ إنجليزي، يُعَدُّ الأبَ الرُّوحيَّ لأَدبِ الخيالِ العلمي. كان ويلز غزيرَ الإنتاجِ في العديدِ من صُنوفِ الأدب، ومِن بَينِها الرِّوايَة، والقِصةُ القصيرة، والأعمالُ التاريخية والسياسية والاجتماعية؛ لكنْ ذاعَ صِيتُهُ ولا نَزالُ نَتذكَّرُهُ حتى اليَومِ مِن خِلالِ رِواياتِ الخيالِ العلميِّ التي كَتبَها، وأهمُّها «آلة الزمن». نَشرَ ويلز أُولى رِوايَاتِهِ المُسمَّاةَ ﺑ «آلة الزمن» عامَ ١٨٩٥م، وقد أَحدَثتْ ضجةً كُبرى وَقتَها في الأوساطِ الثقافية، كما لاقَتْ نجاحًا جماهيريًّا كبيرًا، ثم تَتابعَتْ أعمالُه فَقدَّمَ بَعدَ ذلكَ «جَزيرةُ الدكتور مورو» و«حَربُ العَوالِم» وغَيرَهما، التي حملتْ بعضًا مِن فلسفتِهِ وأفكارِه، وأَظهرَتْ توقُّعاتِهِ لِعالَمِ المُستقبَل. رُشِّحَ ويلز لنَيلِ جائزةِ نُوبِل في الأَدبِ أربعَ مرَّات. وَمَعَ قِيامِ الحربِ العالَميةِ الثانيةِ أَصبحَتْ وِجهَةُ نَظرِ ويلز تِجاهَ مُستقبَلِ البَشريةِ أكثرَ تشاؤمًا. تُوفِّيَ ويلز عامَ ١٩٤٦م، بَعدَ أنْ خَلَّدَ اسْمَهُ في الأدبِ العالَميِّ بِوصفِهِ أَحدَ رُوَّادِه.