لم يكُنِ السيدُ فوثرينجاي يُؤمِنُ بوجودِ قدراتٍ خارِقة، بل في واقعِ الأمرِ كانَ يُشكِّكُ في حدوثِ المُعجِزاتِ إلى أنْ جاءَتْه أولُ إشارةٍ تُلمِّحُ بقدراتِهِ الاستثنائية. أمسيةٌ في حانةِ جعلَتِ السيدَ فوثرينجاي يكتشفُ أنَّ قوةَ الإرادةِ قد تُغيِّرُ المَسارَ المعتادَ لقوانينِ الطبيعةِ لتَحدُثَ المُعجِزات! ولَمْ تَقتصِرِ المُعجِزاتُ على الحِيَلِ الصغيرةِ والمحدودة، كتحريكِ الأكوابِ وقِطَعِ الأثاثِ من أماكِنِها، بل وصلَتْ إلى مُعجِزاتٍ كُبرَى كادَتْ تُفنِي الحياةَ نفسَها على كوكبِ الأرض! هل كانَتِ المُعجِزاتُ قدراتٍ استثنائيةً فعلًا تَجلبُ الخيرَ على صاحِبِها، أم تُنذِرُ بالشرِّ على البشريةِ جَمْعاء؟! وكيفَ أنقَذَ صانعُ المُعجِزاتِ الأرضَ من مَصيرِها المشئوم؟!
هربرت جورج ويلز: أديبٌ ومُفكِّرٌ إنجليزي، يُعَدُّ الأبَ الرُّوحيَّ لأَدبِ الخيالِ العلمي. كان ويلز غزيرَ الإنتاجِ في العديدِ من صُنوفِ الأدب، ومِن بَينِها الرِّوايَة، والقِصةُ القصيرة، والأعمالُ التاريخية والسياسية والاجتماعية؛ لكنْ ذاعَ صِيتُهُ ولا نَزالُ نَتذكَّرُهُ حتى اليَومِ مِن خِلالِ رِواياتِ الخيالِ العلميِّ التي كَتبَها، وأهمُّها «آلة الزمن». نَشرَ ويلز أُولى رِوايَاتِهِ المُسمَّاةَ ﺑ «آلة الزمن» عامَ ١٨٩٥م، وقد أَحدَثتْ ضجةً كُبرى وَقتَها في الأوساطِ الثقافية، كما لاقَتْ نجاحًا جماهيريًّا كبيرًا، ثم تَتابعَتْ أعمالُه فَقدَّمَ بَعدَ ذلكَ «جَزيرةُ الدكتور مورو» و«حَربُ العَوالِم» وغَيرَهما، التي حملتْ بعضًا مِن فلسفتِهِ وأفكارِه، وأَظهرَتْ توقُّعاتِهِ لِعالَمِ المُستقبَل. رُشِّحَ ويلز لنَيلِ جائزةِ نُوبِل في الأَدبِ أربعَ مرَّات. وَمَعَ قِيامِ الحربِ العالَميةِ الثانيةِ أَصبحَتْ وِجهَةُ نَظرِ ويلز تِجاهَ مُستقبَلِ البَشريةِ أكثرَ تشاؤمًا. تُوفِّيَ ويلز عامَ ١٩٤٦م، بَعدَ أنْ خَلَّدَ اسْمَهُ في الأدبِ العالَميِّ بِوصفِهِ أَحدَ رُوَّادِه.