يَجمعُ هذا الكتابُ بينَ طيَّاتِه مُقتطَفاتٍ مِن مُختلِفِ المَعارفِ المُهمَّةِ التي تَوصَّلَ إلَيْها العربُ في القرنِ الثامنِ المِيلادي. يُبحِرُ العالِمُ العربيُّ الكَبيرُ بالقارِئِ في خِضمِّ بِحارِ العُلومِ المُختلِفةِ التي برزَتْ في عصْرِه؛ إذْ يَجمعُ في كِتابِه بينَ كلِّ ما يُمكِنُ أنْ يهمَّ المرءَ مَعرفتُه مِن تَعريفاتٍ وأَوصافٍ وشُروحٍ وأَمْثال. وقد قسَّمَ الكتابَ إلى مَقالتَيْن؛ فبدأَ المَقالةَ الأُولى بالعُلومِ الدينيةِ الإسلاميةِ مثل: أُصولِ الفِقْه، والعَقائد، وعِلمِ الكَلام، والفِرَقِ الدينيةِ المختلِفة، ثم تطرَّقَ للعلومِ اللُّغَويةِ والبلاغيةِ فكتَبَ في النَّحْو، والشِّعر، والعَرُوض، وذكَرَ بعضَ أخبارِ التاريخ. بينَما جعلَ مَقالتَه الثانيةَ أكثرَ عِلْمية؛ فذكَرَ فيها علومَ الفَلْسفة، والمَنْطق، والطِّب، وعِلمَ النُّجوم، والهَّنْدسة، والمُوسيقى، والكيمياء، والحِيَل، والعديدَ مِنَ المُقتطَفاتِ العِلْميةِ الأُخْرى التي برَعَ في تَحليلِها مُستبِقًا قُرونًا مِنَ الزَّمان.
محمد بن أحمد بن يوسف الخوارزمي: عالِمٌ من أهلِ خُراسان، ويُعَدُّ من مؤسِّسي عِلمِ المُصطلح، بفضلِ كتابِه «مفاتيح العلوم». عاشَ «أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتِب الخوارزمي» في القرنِ الرابعِ الهجريِّ بنيسابور في خُراسان في عهدِ الدولةِ السامانية، ويُرجِّحُ «المقريزيُّ» وِلادتَه في مدينةِ «بلخ»؛ لذا نسَبَه إليها ولقَّبَه ﺑ «البلخي». ليسَ ﻟ «الخوارزميِّ» مُؤلَّفاتٌ سِوى كتابِ «مفاتيح العلوم»، الذي يُعَدُّ أقدمَ موسوعةٍ جامِعةٍ في التعريفِ بالعلومِ التي كانت مُتداوَلةً في عصرِه، وحدَّدَ «الخوارزميُّ» فيه مُصطلَحاتِ العلومِ التي ظهرَت في ذلك العصرِ. وتَرجعُ قِصةُ هذا الكتابِ إلى أنَّه صنَّفَه بُغيةَ الكشفِ عن تطوُّراتِ المعاني والمُصطلحاتِ في مُختلِفِ الأنشطةِ المعرفية، وقد أهداه إلى الشيخِ «أبي الحسَنِ العتبي» وزيرِ الدولةِ السامانيةِ بنيسابور. تُوفِّي «أبو عبد الله الخوارزمي» عامَ ٣٨٧ﻫ.