كيفَ لبلدٍ صغيرِ الحجمِ وغيرِ ساحِلي، ولا يتمتَّعُ إلَّا بالقليلِ فقط مِنَ المَواردِ الطبيعية، مِثل سويسرا، أن يَشهدَ كلَّ هذا النجاحِ لفترةٍ طويلةٍ من الزمنِ وفي مجالاتٍ متعدِّدة؟! ففي قِطاعاتِ المصارف، والصيدلة، وصناعةِ الآلاتِ والسَّاعات، والعمرانِ وصناعةِ الحَلويات، وحتَّى في قِطاعِ الغزلِ والنسيج؛ تحتلُّ الشَّركاتُ السويسريةُ مَكانةً مَرموقةً بين أقوى المتنافسِينَ في العالَم. فكيفَ وصلَ رجالُ الأعمالِ السويسريُّونَ إلى هذه المَكانة؟ هل تُقدمُ الحالةُ السويسريةُ الاستثنائيةُ دُروسًا يُمكِنُ أن يتعلَّمَ منها الآخَرونَ ليَستفِيدوا من هذه التجرِبةِ الناجِحة؟ وهل يُمكِنُ للسويسريِّينَ أن يُحافِظوا على حُسنِ أدائِهم المعهودِ في خِضمِّ اقتصادٍ عالَميٍّ يتَّسِمُ بالمنافَسةِ الشديدة؟ يُقدِّمُ هذا الكتابُ أَجوبةً لهذه التساؤلات، ويَطرحُ الكثيرَ من الأسئلةِ الأخرى عن سويسرا، ويعرضُ لَمحةً مُهمَّةً عن حجمِ الإنجازاتِ التي حققَتْها وحيويتِها، من خلالِ وصف أصولِ أهمِّ الشركاتِ السويسرية، وهياكِلها التنظيمية، وخصائصها، وتقييمٍ دقيقٍ ومتعمِّقٍ لأداءِ شركاتٍ ورجالِ أعمالٍ معيَّنِين، بعضُهم يَحظى بقدرٍ من الشهرة، في حينِ أنَّ البعضَ الآخَرَ قد يكونُ معروفًا فقط لدى المُطَّلعينَ على المجال، إلا أنَّهم جميعًا قد ساهَمُوا في نجاحِ «العلامةِ التجاريةِ» التي تُجسدُها سويسرا. ومن خلالِ الجمعِ بينَ الوعيِ الكاملِ بمُقوِّماتِ القطاعِ الماليِّ العَصري، والفَهمِ الدقيقِ لمَكامنِ قوةِ سويسرا، والتحدياتِ المستقبليةِ التي ستُواجهُها، يُبينُ هذا الكتابُ أيضًا كيف أنَّ الفضلَ في قصةِ النجاحِ المثيرةِ للإعجابِ هذه يعودُ — بقدرٍ كبيرٍ — إلى تفكيرِ رجالِ الأعمالِ السليم، وانفتاحِهم على تَبنِّي الأفكارِ الجديدة. صَدرَت الترجمةُ العربيةُ لكتابِ «صناعة سويسرية» لأولِ مرةٍ عامَ ٢٠١٧ عن دارِ النشرِ «جون مكَّارثي» لمُؤسِّسِها ومُديرِها «جون مكَّارثي»، وهو مُحبٌّ للغةِ العربيةِ وللعالَمِ العربي، وخصوصًا لبنان حيث عاش ودرسَ سنواتٍ عديدة. عملَ بمجالِ الاستشاراتِ الإداريةِ على مدى أربعين عامًا إلى أن استقرَّ بسويسرا عامَ ١٩٨٥حيث أَسَّس دارَ النشرِ الخاصةَ به، واستهلَّ إصداراتِه بكتابِ «صناعة سويسرية: القصة غير المروية لنجاح سويسرا» بالتعاونِ مع فريقٍ مُميَّزٍ من المُترجِمين والمُحرِّرين العاملين بالدار.
آر جيمس برايدنج: هو مؤسِّسُ وصاحبُ شركةِ الاستثمارِ «نيسانس كابيتال» في زيورخ، وشغلَ سابقًا منصبَ المديرِ العامِّ لشركةِ «تمبيلتون لإدارةِ الاستثمارات»، ومنصبَ مديرِ شركةِ «روتشيلد كوربوريت فينانس». حازَ على شهادةِ مُحاسبٍ قانوني، وكان أحدَ كبارِ مديرِي شركةِ «برايس واتر هاوس-كوبرز»، وحازَ كذلك على شهادةِ الماجستيرِ من كليةِ كينيدي بجامعةِ هارفارد، ومن المعهدِ الدوليِّ للتنميةِ الإداريةِ بمدينةِ لوزان، ويحملُ الجِنسيتَينِ السويسريةَ والأمريكية. كتبَ طوالَ سنواتٍ عديدةٍ مقالاتٍ في صحيفةِ «ذي إيكونوميست» حولَ القضايا المتعلقةِ بسويسرا، وشارَكَ الدكتور «جيرار شفارتس» في تأليفِ كتابِ بعنوان «سويسرا مُعجِزةُ الاقتصاد» الذي نُشرَ في سويسرا. وقدِ انتُخِبَ زميلًا من طرفِ مركزِ التنميةِ الاقتصاديةِ بجامعةِ هارفارد، في ضوءِ الأبحاثِ التي قامَ بها من أجلِ كتابه «صناعة سويسريَّة».