«فتنهَّد الشيطان وقال: أنت السبب في كل هذا العداء والحسد. بسببك أنت طُرِدت وحُرِمت من مجدي في السماء بين الملائكة، وبسببك أنت رُميتُ من الأعالي إلى الأسافل … فبعدما صنَعك الرب على صورته ونفخ في أنفك نسمةَ الحياة، أتى بك ميكائيل لنسجد لك في حضرة الرب.»بدقَّة المفهرِس ونفاذ بصيرة الباحث عمِلَ المفكِّر الكبير «فراس السواح» على هذا الكتاب، فاعتمد على القرآن والتوراة والأسفار غير القانونية والهاجاداه؛ ليقدِّم بحيادية تامَّة، وبطريقة علمية، دراسةً مقارنة لنصوص القَصص القرآني ونظائرها في التوراة. فبدأ بالحديث عن العهدِ القديم وأسفاره وتاريخه وكيف وصل إلينا، والأسفارِ التي لم تحظَ بقَبول الكنيسة، وتاريخ نزول القرآن وجَمْعه وتدوينه، ثم انتقل إلى سرد القَصص القرآني ونظيره في التوراة، مثل: قصة «إبراهيم»، و«لوط»، و«إسماعيل»، و«يوسف»، و«موسى»، و«داود»، و«سليمان»، وغيرهم من الأنبياء. ومن الجدير بالذكر أن البحث لم يقف عند قصص الأنبياء فقط، بل تطرَّق أيضًا إلى التشابه بين النصَّين وما ورد فيهما حول قصة الخلق، ويوم القيامة، وخراب أورشليم، و«قابيل» و«هابيل»، والطوفان، و«إبليس»، وحياة ما بعد الموت، مع ذِكر الأصول الميثولوجية لبعض القصص.
فراس السواح: مفكِّرٌ لامع في سماء ميثولوجيا الشرق، ومؤرِّخٌ بارز في تاريخ الأديان، وفيلسوفٌ مُغامِر، وأحد أبرز المفكِّرين العرب الذين أبحروا خارج النَّسَق الديني النمطي، وقدَّم رؤيةً مُغايِرة عما هو سائدٌ من أفكار عقائدية. وُلِد في حمص عام ١٩٤١م لعائلةٍ حموية أزهرية، وعاش في فضاءٍ تنويري أتاح له أن يختار طريقَه بنفسه؛ فوالده الكاتب والصحفي «أحمد السواح»، رئيس تحرير جريدة «الفجر» السورية، وجَدُّه «نورس السواح» الذي كان شيخًا أزهريًّا درس علومَ الدين بالجامع الأزهر. درس «فراس» الاقتصادَ في جامعة دمشق، وتخرَّجَ منها عام ١٩٦٥م، ثم انتسب إلى قسم الفلسفة، ولكنه لم يُكمِل دراستَه فيه. استهوَته الميثولوجيا وتاريخ الأديان باكرًا، فكتب في الصحف والمجلات السورية منذ عام ١٩٥٨م، ونشر أبحاثَه الأولى في الآداب اللبنانية عام ١٩٦٠م. وفي عام ١٩٧٦م أصدَر كتابه التأسيسي والرصين «مُغامَرة العقل الأولى»، وأصدر عام ١٩٨٥م كتابَه الشهير «لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة». ومنذ عام ١٩٨٦م تفرَّغ لدراسة التاريخ والأركيولوجيا والميثولوجيا وتاريخ الأديان بشكلٍ مستقل، فصدرت له الكثير من الكتب، مثل: «كنوز الأعماق: قراءة في مَلْحمة جلجامش»، و«تاريخ أورشليم»، و«مدخل إلى نصوص الشرق القديم»، و«موسوعة تاريخ الأديان»، و«الوجه الآخَر للمسيح»، و«الإنجيل برواية القرآن»، و«طريق إخوان الصفاء»، و«ألغاز الإنجيل»، و«القصص القرآني ومتوازياته التوراتية». وأصدَر في بكين بالتعاوُن مع الدكتور «تشاو تشنج كو» كتابًا باللغتَين الصينية والعربية عن الحكيم الصيني «لاو تسو». كما ساهَمَ بكتابَين باللغة الإنجليزية صدرا في بريطانيا، هما: «أورشليم بين التوراة والتاريخ»، و«جدليات إسرائيل القديمة وبناء الدولة في فلسطين». كرَّمه الحزب الشيوعي السوري، والحزب السوري القومي الاجتماعي، والجمعية التاريخية السورية، وأمانة عمان. يعمل حاليًّا أستاذًا في تاريخ أديان الشرق الأوسط بجامعة بكين للدراسات الأجنبية.