«إن ما يميِّز الفينومينولوجيا الدينية بشكلٍ خاص هو ميلها إلى العمومية، وتقصِّيها لكل ما هو مشترك وعام بين الظواهر الدينية. وهي إذ تَصِف وتُنظِّم وتُنَمذِج موضوعاتها، إنما تعمل على استقصاء البنية الجوهرية والمعنى في الظاهرة الدينية.»يمثِّل الدين ركيزةً أساسية وعنصرًا اجتماعيًّا وروحيًّا فاعلًا، ومادةً ثريَّة كُتِب عنها آلاف الكتب، ودار بشأنها كثيرٌ من النقاشات، وتعدَّدَت حولها الرُّؤى والأفكار والمعتقَدات. ولكن ما الدين؟ أو بالأحرى ما دين الإنسان؟ وهل يوجد دين لغير الإنسان؟! وكيف بدأت الظاهرة الدينية؟ وما مراحل تشكُّلها حتى صارت على ما هي عليه الآن؟ أسئلةٌ كثيرة نَطرحُها لنحاول أن نَفهم ذواتنا في المقام الأول، ونستوعب كل ما حولنا؛ يُجيب عنها — وعن كثير من الأسئلة الأخرى التي تفجَّرَت في عقولنا قبل أن تُروِّضنا الحياةُ على القَبول بالثوابت، مهما كان مدى صِحتها — المفكرُ «فراس السواح»، الذي أبحَرَ في تاريخ الحياة الروحية للإنسان، وفي الظاهرة الدينية منذ نشأتها، والإنجازِ البشري فيها على مر العصور؛ فقدَّم دراسةً أكاديمية رصينة حول الدين، ليُعطيَنا فهمًا أعمق له ومجالًا أرحَب للتفكير.
فراس السواح: مفكِّرٌ لامع في سماء ميثولوجيا الشرق، ومؤرِّخٌ بارز في تاريخ الأديان، وفيلسوفٌ مُغامِر، وأحد أبرز المفكِّرين العرب الذين أبحروا خارج النَّسَق الديني النمطي، وقدَّم رؤيةً مُغايِرة عما هو سائدٌ من أفكار عقائدية. وُلِد في حمص عام ١٩٤١م لعائلةٍ حموية أزهرية، وعاش في فضاءٍ تنويري أتاح له أن يختار طريقَه بنفسه؛ فوالده الكاتب والصحفي «أحمد السواح»، رئيس تحرير جريدة «الفجر» السورية، وجَدُّه «نورس السواح» الذي كان شيخًا أزهريًّا درس علومَ الدين بالجامع الأزهر. درس «فراس» الاقتصادَ في جامعة دمشق، وتخرَّجَ منها عام ١٩٦٥م، ثم انتسب إلى قسم الفلسفة، ولكنه لم يُكمِل دراستَه فيه. استهوَته الميثولوجيا وتاريخ الأديان باكرًا، فكتب في الصحف والمجلات السورية منذ عام ١٩٥٨م، ونشر أبحاثَه الأولى في الآداب اللبنانية عام ١٩٦٠م. وفي عام ١٩٧٦م أصدَر كتابه التأسيسي والرصين «مُغامَرة العقل الأولى»، وأصدر عام ١٩٨٥م كتابَه الشهير «لغز عشتار: الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة». ومنذ عام ١٩٨٦م تفرَّغ لدراسة التاريخ والأركيولوجيا والميثولوجيا وتاريخ الأديان بشكلٍ مستقل، فصدرت له الكثير من الكتب، مثل: «كنوز الأعماق: قراءة في مَلْحمة جلجامش»، و«تاريخ أورشليم»، و«مدخل إلى نصوص الشرق القديم»، و«موسوعة تاريخ الأديان»، و«الوجه الآخَر للمسيح»، و«الإنجيل برواية القرآن»، و«طريق إخوان الصفاء»، و«ألغاز الإنجيل»، و«القصص القرآني ومتوازياته التوراتية». وأصدَر في بكين بالتعاوُن مع الدكتور «تشاو تشنج كو» كتابًا باللغتَين الصينية والعربية عن الحكيم الصيني «لاو تسو». كما ساهَمَ بكتابَين باللغة الإنجليزية صدرا في بريطانيا، هما: «أورشليم بين التوراة والتاريخ»، و«جدليات إسرائيل القديمة وبناء الدولة في فلسطين». كرَّمه الحزب الشيوعي السوري، والحزب السوري القومي الاجتماعي، والجمعية التاريخية السورية، وأمانة عمان. يعمل حاليًّا أستاذًا في تاريخ أديان الشرق الأوسط بجامعة بكين للدراسات الأجنبية.