«يترتَّب على هذا أن التكنولوجيا دراسة إنسانية ودراسة اجتماعية؛ وذلك لأنها تعالج أشكالًا وصورًا مميَّزة للسلوك البشري في المجتمع. وحيث إنها تتناول التحوُّلات التي تَطْرأ على التقنيات على مدار الزمان، فإنها — بحكم كونها كذلك — تُعتبر دراسة تاريخية، ومن ثَم فإن عبارة «تاريخ التكنولوجيا» تُمثِّل توسُّعًا لازمًا لنطاق بحث ودراسة التكنولوجيا.»التكنولوجيا هي علم دراسة الأساليب الفنية البشرية في صناعة الأدوات، وهي قديمةٌ قِدَم الإنسان العاقل؛ إذ تمتدُّ جذورها إلى استخدام الإنسان للنار، ولكنها ارتبطَت بالعصر الحديث ارتباطًا وثيقًا لِما يُمثِّله هذا العصر من ثورة في الأدوات والأساليب التقنية التي بلغَت ذروتها مع الثورة الصناعية والآلات البخارية، وما أَعقَبها من اختراعات وإنجازات ضخمة؛ ومن ثَم فإن هذا الكتاب يُلقي الضوء على هذه الأساليب من منظور تاريخي؛ إذ يتناول التسلسلَ التاريخي للتطورات التكنولوجية منذ القرن السابع عشر حتى القرن العشرين، مع تفسيرها في سياق اجتماعي، وبيانِ أسباب ظهورها وازدهارها، وتشعُّبها وانتشارها، وتدهورها وانحسارها أيضًا، آخِذًا في الاعتبار تأثيرَها العميق على الإنسان، وعلى الدولة، وعلى المجتمع الذي أصبح ذا سماتٍ وقِيَم مُغايِرة عن ذي قبل.
آر إيه بوكانان: أستاذ تاريخ التكنولوجيا بجامعة باث البريطانية. وُلد بمدينة شفيلد عام ١٩٣٠م، وحصَل على درجة الدكتوراه من جامعة كمبريدج عام ١٩٥٧م. عمل عضوًا بهيئة التدريس في معهد بريستول للعلوم والتكنولوجيا عام ١٩٦١م، وهو المعهد الذي أصبح بعد ذلك جامعةَ باث. وقد أسَّس في الجامعة مركز تاريخ التكنولوجيا الذي أسهم بدورٍ إيجابي في الأنشطة القومية والدولية ذات الصلة بتاريخ التكنولوجيا. ألَّف الكثيرَ من الكتب التي تتناول تاريخَ التكنولوجيا وعلاقتها بالإنسان، ومن أبرزها: «أركيولوجيا الصناعة في بريطانيا»، و«المهندسون: تاريخ مهنة الهندسة في بريطانيا»، و«التاريخ والحضارة الصناعية»، و«التكنولوجيا والتقدُّم الاجتماعي»، و«الإنسان آلة وسُلطة».