literature
عندما كتب دوستويفسكي لأخيه.. أرسل لي القرآن!
"سنلتقي قريبًا، أيها الأخ العزيز. تتدفق روحي بشفافية وخفة في هذه اللحظة، حيث يبدو المستقبل أمامي، يتسع لكل شيء. أرى الآن مسار حياتي بوضوح، كما لو أنه يتكون أمامي في هذه اللحظة. أشعر بالرضا تجاه حياتي. يرجى إرسال القرآن ونقد العقل النقي لكانط وكتاب هيجل حول تاريخ الفلسفة.
هذه كانت بعض الكلمات التي كتبها الكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي في رسالته إلى أخيه من السجن. جاءت هذه الرسالة بعد أن تمت إعادة النظر في حكم الإعدام الذي كان سينفذ في لحظات على دوستويفسكي ورفاقه. كان قد اعتقل عام 1849 بتهمة الانتماء إلى رابطة بيتراشيفسكي المحظورة، وهي مجموعة أدبية تناقش في السر قضايا تنتقد النظام الإمبراطوري الروسي. تم تخفيف حكم الإعدام إلى أربع سنوات من الأشغال الشاقة وست سنوات في المنفى.
دوستويفسكي، الذي ولد في موسكو عام 1821، كان من التلاميذ المسيحيين الأرثوذكس، وكان يغوص في الديانة منذ صغره. كان يحضر قداس الكنيسة بانتظام ويحمل شغفًا بالبحث والتقرب من الأديان السماوية. كمؤلف عالمي، ترجمت كتبه إلى أكثر من 170 لغة، وكان له اهتمام خاص بالإسلام والقرآن الكريم.
رغم ارتباطه الوثيق بالمسيحية، وجد دوستويفسكي إلهامًا في القرآن الكريم، وأعرب بشكل صريح عن إعجابه برسول الإسلام ودعوته. تجلى اهتمامه بالإسلام في استمراره في حفظ نسخة من القرآن الكريم في مكتبته الخاصة.
في قصائده ورواياته، أشاد دوستويفسكي برسول الإسلام وأظهر إعجابه بحكمته. استخدم التعابير الإسلامية في بعض رواياته، وجاءت إحدى رواياته باسم "المثل"، حيث أشاد بالنبي محمد. في كتابه "الأبطال وديانة الأبطال"، أقر بعظمة رسول الإسلام وحكمته.
على الرغم من ارتباطه بالمسيحية، استمتع دوستويفسكي بقراءة وتدبر القرآن الكريم، وكان ذلك واضحًا حتى خلال فترة سجنه ومحنه. رغم الإرث الكبير الذي تركه في المجالات المختلفة، بما في ذلك القصة والرواية والتحليل النفسي والفلسفة، كان دوستويفسكي مفتونًا بجماليات ومعاني القرآن وفتح لنفسه على التفكير في قضايا دينية أخرى."